كتاب الإحاطة في أخبار غرناطة (اسم الجزء: 3)

لسلفه من خطأ في الفعل، وزلل في المقال، والله سبحانه وليّ القبول للتّوبة، والمنّان بتسويغ هذه المنّة المطلوبة، فذلك يسير في جنب قدرته، ومعهود رحمته الواسعة ومغفرته.
شعره: وشعره كثير جدا، ونثره مشهور وموجود. فمن شعره في غرض الشكر لله عزّ وجلّ، على غيث جاء بعد قحط: [الكامل]
نعم الإله بشكره تتقيّد ... فالله يشكر في النّوال ويحمد
مدّت إليه أكفّنا محتاجة ... فأنالها من جوده ما نعهد
وأغاثنا بغمائم وكّافة ... بالبشر تشرق والبشائر ترعد
حملت إلى ظمإ البسيطة ريّة ... فلها عليه منّة لا تجحد
فالجوّ برّاق والشّعاع مفضّض ... والماء فيّاض الأثير معسجد
والأرض في حلي الأتيّ كأنما ... نطف الغمام ولؤلؤ «1» وزبرجد
والرّوض مطلول الخمائل باسم ... والقضب ليّنة الحمائل ميّد
تاهت عقول الناس في حركاتها ... ألشكرها أم سكرها تتأوّد؟
فيقول أرباب البطالة تنثني ... ويقول أرباب الحقيقة تسجد
وإذا اهتديت إلى الصواب فإنها ... في شكر خالقها تقوم وتقعد
هذا هو الفضل الذي لا ينقضي ... هذا هو الجود الذي لا ينفد
احضر فؤادك للقيام بشكره ... إن كنت تعلم قدر ما تتقلّد
وانفض يديك من العباد فكلّهم ... عجز الحلّ وأنت جهلا تعقد
وإذا افتقرت إلى سواه فإنما ال ... لذي بخاطرك المجال الأبعد
نعم الإله كما تشاهد حجّة ... والغائبات أجلّ مما يشهد
فانظر إلى آثار رحمته التي ... لا يمترى فيها ولا يتردّد
يا ليت شعري والدليل مبلّغ ... من أيّ وجه يستريب الملحد
من ذا الذي يرتاب أنّ إلهه ... أحد وألسنة الجماد توحّد
كلّ يصرّح حاله ومقاله ... أن ليس إلّا الله ربّ يعبد
ومن شعره أيضا قوله: [الكامل]
عجبا لمن ترك الحقيقة جانبا ... وغدا لأرباب الصواب مجانبا

الصفحة 397