كتاب المبدع في شرح المقنع (اسم الجزء: 3)

رَأَى هِلَالَ شَوَّالٍ وَحْدَهُ لَمْ يُفْطِرْ، وَإِذَا اشْتَبَهَتِ الْأَشْهُرُ عَلَى الْأَسِيرِ، تَحَرَّى وَصَامَ، فَإِنْ وَافَقَ الشَّهْرَ أَوْ بَعْدَهُ أَجْزَأَهُ، وَإِنْ وَافَقَ قَبْلَهُ لَمْ يُجْزِئْهُ.

وَلَا يَجِبُ الصَّوْمُ إِلَّا عَلَى الْمُسْلِمِ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ، الْقَادِرِ عَلَى الصَّوْمِ، وَلَا يَجِبُ عَلَى كَافِرٍ وَلَا مَجْنُونٍ وَلَا صَبِيٍّ، لَكِنْ يُؤْمَرُ بِهِ إِذَا أَطَاقَهُ، وَيُضْرَبُ عَلَيْهِ لِيَعْتَادَهُ

إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ بِالرُّؤْيَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQيَجُزْ لِأَحَدِهِمَا، وَلَا لِمَنْ عَرَفَ عَدَالَتَهُمَا الْفِطْرُ بِقَوْلِهِمَا فِي قِيَاسِ الْمَذْهَبِ، لِأَنَّ رَدَّهُمَا لَيْسَ بِحُكْمٍ، وَإِنَّمَا هُوَ تَوَقُّفٌ لِعَدَمِ عِلْمِهِ، وَفِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " الْجَوَازُ، لِقَوْلِهِ: «فَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ فَصُومُوا وَأَفْطِرُوا» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ.
(وَإِذَا اشْتَبَهَتِ الْأَشْهُرُ عَلَى الْأَسِيرِ) وَالْمَطْمُورِ وَمَنْ بِمَغَارَةٍ، وَنَحْوِهِمْ (تَحَرَّى) وَهُوَ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي مَعْرِفَةِ شَهْرِ رَمَضَانَ، لِأَنَّهُ أَمْكَنَهُ تَأْدِيَةُ فَرْضِهِ بِالِاجْتِهَادِ، فَلَزِمَهُ كَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ (وَصَامَ فَإِنْ وَافَقَ الشَّهْرَ أَوْ بَعْدَهُ، أَجْزَأَهُ) كَالصَّلَاةِ، وَكَمَا لَوْ لَمْ يَنْكَشِفْ لَهُ الْحَالُ لِتَأْدِيَةِ فَرْضِهِ بِالِاجْتِهَادِ، وَلَا يَضُرُّ التَّرَدُّدُ فِي النِّيَّةِ لِمَكَانِ الضَّرُورَةِ فَلَوْ وَافَقَ رَمَضَانَ السَّنَةَ الْقَابِلَةَ، فَقَالَ الْمَجْدُ: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ لَا يُجْزِئُهُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِنِ اعْتَبَرْنَا نِيَّةَ التَّعْيِينِ، وَإِلَّا وَقَعَ عَنِ الثَّانِي، وَقَضَى الْأَوَّلَ. وَيُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ مَا صَامَهُ بِقَدْرِ أَيَّامِ شَهْرِهِ الَّذِي فَاتَهُ، سَوَاءٌ وَافَقَ مَا بَيْنَ الْهِلَالَيْنِ أَوْ لَا، ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ ". وَظَاهِرُ " الْخِرَقِيِّ " أَنَّهُ مَتَى وَافَقَ شَهْرًا بَعْدَهُ أَجْزَأَهُ وَإِنْ كَانَ نَاقِصًا وَرَمَضَانُ تَامًّا. قَالَهُ الْقَاضِي، وَصَاحِبُ " التَّلْخِيصِ " وَأَوْرَدَهُ الْمَجْدُ مَذْهَبًا كَالنَّذْرِ، وَفَرَّقَ فِي " الشَّرْحِ " بِأَنَّ النَّذْرَ مُطْلَقٌ، فَيُحْمَلُ عَلَى مَا تَنَاوَلَهُ الِاسْمُ وَالْقَضَاءُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ بِعُذْرِ الْمَتْرُوكِ (وَإِنْ وَافَقَ قَبْلَهُ لَمْ يُجْزِئْهُ) نَصَّ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ أَتَى بِالْعِبَادَةِ قَبْلَ وَقْتِهَا، فَلَمْ يُجْزِئْهُ كَالصَّلَاةِ، فَلَوْ وَافَقَ بَعْضُهُ رَمَضَانَ، فَمَا وَافَقَهُ أَوْ بَعْدَهُ، أَجْزَأَهُ دُونَ مَا قَبْلَهُ، وَلَوْ صَامَ شَعْبَانَ ثَلَاثَ سِنِينَ مُتَوَالِيَةً، ثُمَّ عَلِمَ صَامَ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ شَهْرًا بَعْدَ شَهْرٍ كَالصَّلَاةِ، إِذَا فَاتَتْهُ، نَقَلَهُ مُهَنَّا. وَإِنْ ظَنَّ أَنَّ الشَّهْرَ لَمْ يَدْخُلْ فَصَامَ، لَمْ يُجْزِئْهُ.

[مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ]
(وَلَا يَجِبُ الصَّوْمُ إِلَّا عَلَى الْمُسْلِمِ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ الْقَادِرِ عَلَى الصَّوْمِ) إِجْمَاعًا (وَلَا يَجِبُ عَلَى كَافِرٍ) مُطْلَقًا، لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ مَحْضَةٌ تَفْتَقِرُ إِلَى النِّيَّةِ فَكَانَ مِنْ شَرْطِهَا الْإِسْلَامُ كَالصَّلَاةِ (وَلَا مَجْنُونٍ وَلَا صَبِيٍّ) لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمَا، وَرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُمَا (لَكِنْ يُؤْمَرُ بِهِ إِذَا أَطَاقَهُ وَيُضْرَبُ عَلَيْهِ لِيَعْتَادَهُ) كَذَا قَالَهُ الْأَكْثَرُ، أَيْ: يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ ذَلِكَ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ، وَعَنْهُ:

الصفحة 10