كتاب المبدع في شرح المقنع (اسم الجزء: 3)

أَهْلُ بَلَدٍ، لَزِمَ النَّاسَ كُلَّهُمُ الصَّوْمُ

وَيُقْبَلُ فِي هِلَالِ رَمَضَانَ قَوْلُ عَدْلٍ، وَلَا يُقْبَلُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [إِذَا رَأَى الْهِلَالَ أَهْلُ بَلَدٍ لَزِمَ النَّاسَ كُلَّهُمُ الصَّوْمُ]
(وَإِنْ رَأَى الْهِلَالَ أَهْلُ بَلَدٍ، لَزِمَ النَّاسَ كُلَّهُمُ الصَّوْمُ) لِلْعُمُومِ، وَلِأَنَّ الشَّهْرَ فِي الْحَقِيقَةِ مَا بَيْنَ الْهِلَالَيْنِ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ هَذَا الْيَوْمَ مِنْهُ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ، فَكَذَا الصَّوْمُ. وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قُرْبِ الْمَكَانِ أَوْ بُعْدِهِ، وَأَنَّهُ يَجِبُ وَلَوِ اخْتَلَفَتِ الْمَطَالِعُ نَصَّ عَلَيْهِ. وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّهَا تَخْتَلِفُ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ، لَكِنْ قَالَ أَحْمَدُ الزَّوَالُ فِي الدُّنْيَا وَاحِدٌ، وَاخْتَارَ فِي " الرِّعَايَةِ " الْبُعْدُ مَسَافَةُ قَصْرٍ، وَلَا يَلْزَمُ الصَّوْمُ، «وَعَنْ كُرَيْبٍ قَالَ: قَدِمْتُ الشَّامَ وَاسْتَهَلَّ عَلَيَّ هِلَالُ رَمَضَانَ وَأَنَا بِالشَّامِ، فَرَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فِي آخِرِ الشَّهْرِ، فَسَأَلَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ، فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ لَكِنَّا رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ السَّبْتِ فَلَا نَزَالُ نَصُومُ حَتَّى يُكْمِلَ ثَلَاثِينَ أَوْ نَرَاهُ. فَقُلْتُ أَلَا يُكْتَفَى بِرُؤْيَةِ مُعَاوِيَةَ وَصِيَامِهِ؛ فَقَالَ لَا. هَكَذَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ لَا يُفْطِرُونَ بِقَوْلِ كُرَيْبٍ وَخَبَرِهِ، وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ، وَإِنَّمَا مَحَلُّ الْخِلَافِ وُجُوبُ قَضَاءِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، وَلَيْسَ هُوَ فِي الْحَدِيثِ وَالْفِطْرِ إِنَّمَا هُوَ إِذَا صِيمَ بِشَهَادَتِهِ لِيَكُونَ فِطْرُهُمْ مَبْنِيًّا عَلَى صَوْمِهِمْ بِشَهَادَتِهِ، وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ، فَعَلَى الْمَذْهَبِ وَاخْتَارَهُ فِي " الرِّعَايَةِ " لَوْ سَافَرَ مِنْ بَلَدِ الرُّؤْيَةِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ إِلَى بَلَدِ الرُّؤْيَةِ لَيْلَةَ السَّبْتِ فَبَعُدَ وَتَمَّ شَهْرُهُ وَلَمْ يَرَوُا الْهِلَالَ، صَامَ مَعَهُمْ، وَعَلَى الْمَذْهَبِ يُفْطِرُ خِفْيَةً، قَالَهُ الْمَجْدُ. وَإِنْ شَهِدَ بِهِ، وَقبلَ قَوْلُهُ، أَفْطَرُوا مَعَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَإِنْ سَافَرَ إِلَى بَلَدِ الرُّؤْيَةِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ مِنْ بَلَدِ الرُّؤْيَةِ لَيْلَةَ السَّبْتِ، وَبَعْدُ، أَفْطَرَ مَعَهُمْ، وَقَضَى يَوْمًا عَلَى الْمَذْهَبِ، وَلَمْ يُفْطِرْ عَلَى الثَّانِي.

[يَثْبُتُ هِلَالُ رَمَضَانَ بِقَوْلِ الْوَاحِدِ]
(وَيُقْبَلُ فِي هِلَالِ رَمَضَانَ قَوْلُ عَدْلٍ وَاحِدٍ) نَصَّ عَلَيْهِ، وَحَكَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - صَوَّمَ النَّاسَ بِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالْحَاكِمُ، وَقَالَ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَلِقَبُولِهِ خَبَرَ الْأَعْرَابِيِّ بِهِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلِأَنَّهُ خَبَرٌ دِينِيٌّ، وَهُوَ أَحْوَطُ، وَلَا تُهْمَةَ فِيهِ، بِخِلَافِ آخِرِ الشَّهْرِ، وَلِاخْتِلَافِ

الصفحة 7