كتاب المبدع في شرح المقنع (اسم الجزء: 3)

فِي سَائِرِ الشُّهُورِ إِلَّا عَدْلَانِ، وَإِنْ صَامُوا بِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا فَلَمْ يَرَوُا الْهِلَالَ، أَفْطَرُوا، وَإِنْ صَامُوا بِشَهَادَةِ وَاحِدٍ فَعَلَى وَجْهَيْنِ، وَإِنْ صَامُوا لِأَجْلِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQحَالِ الرَّائِي وَالْمَرْئِيِّ، وَلِهَذَا لَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِشَهَادَةِ وَاحِدٍ، وَجَبَ الْعَمَلُ بِهَا. وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْغَيْمِ وَالصَّحْوِ، وَلَا بَيْنَ الْمِصْرِ وَخَارِجِهِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنْ جَاءَ مِنْ خَارِجِ الْمِصْرِ أَوْ رَآهُ فِيهِ لَا فِي جَمَاعَةٍ قُبِلَ وَاحِدٌ. وَشَذَّ فِي " الرِّعَايَةِ " فَقَالَ: وَقِيلَ: يُقْبَلُ قَوْلُ وَاحِدٍ حَتَّى مَعَ غَيْمٍ أَوْ قَتَرٍ. وَعَنْهُ: يُعْتَبَرُ عَدْلَانِ كَبَقِيَّةِ الشُّهُورِ، فَعَلَى الْمَذْهَبِ هُوَ خَبَرٌ، فَتُقْبَلُ الْمَرْأَةُ وَالْعَبْدُ، وَلَا يَخْتَصُّ بِحَاكِمٍ، فَيَلْزَمُهُ الصَّوْمُ مَنْ سَمِعَهُ مِنْ عَدْلٍ. زَادَ بَعْضُهُمْ: وَلَوْ رَدَّ الْحَاكِمُ قَوْلَهُ، وَلَا يُعْتَبَرُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ، وَقِيلَ: بَلَى، فَتَنْعَكِسُ الْأَحْكَامُ. وَفِي الْمَسْتُورِ وَالْمُمَيِّزِ الْخِلَافُ، وَفِي " الْمُسْتَوْعِبِ " لَا يُقْبَلُ صَبِيٌّ، وَإِذَا ثَبَتَ بِقَوْلِ الْوَاحِدِ، ثَبَتَتْ بَقِيَّةُ الْأَحْكَامِ.
(وَلَا يُقْبَلُ فِي سَائِرِ الشُّهُورِ إِلَّا عَدْلَانِ) حَكَاهُ التِّرْمِذِيُّ إِجْمَاعًا، أَيْ: رَجُلَانِ لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُجِيزُ عَلَى شَهَادَةِ الْإِفْطَارِ إِلَّا شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ» ، وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ، وَلَا يُقْصَدُ بِهِ الْمَالُ، وَلَا احْتِيَاطَ فِيهِ، أَشْبَهَ الْحُدُودَ، وَعَنْهُ: يُقْبَلُ فِيهِ وَاحِدٌ كَأَبِي ثَوْرٍ، وَكَأَوَّلِهِ، وَقَيَّدَهَا فِي " الرِّعَايَةِ " بِوَضْعٍ لَيْسَ فِيهِ غَيْرُهُ وَظَاهِرُهُ لَا يُقْبَلُ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ، وَلَا النِّسَاءُ الْمُفْرَدَاتُ، لِأَنَّهُ مَا يطلع عَلَيْهِ الرِّجَالُ وَلَا يُعْتَبَرُ التَّوَاتُرُ فِي الْعِيدَيْنِ مَعَ الْغَيْمِ (وَإِنْ صَامُوا بِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا فَلَمْ يَرَوُا الْهِلَالَ أَفْطَرُوا) وَجْهًا وَاحِدًا، قَالَهُ فِي الشَّرْحِ لِحَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ فَصُومُوا وَأَفْطِرُوا» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَقِيلَ: لَا مَعَ صَحْوٍ، اخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ، لِأَنَّ عَدَمَ الْهِلَالِ يَقِينٌ فَيُقَدَّمُ عَلَى الظَّنِّ وَهِيَ الشَّهَادَةُ، (وَإِنْ صَامُوا بِشَهَادَةِ وَاحِدٍ فَعَلَى وَجْهَيْنِ) وَقِيلَ: هُمَا رِوَايَتَانِ إِحْدَاهُمَا: لَا يُفْطِرُ قَدَّمَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ " لِأَنَّهُ فِطْرٌ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَسْتَنِدَ إِلَى وَاحِدٍ كَمَا لَوْ شَهِدَ بِشَوَّالٍ، وَالثَّانِي وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " أَنَّهُمْ يُفْطِرُونَ لِثُبُوتِهِ تَبَعًا، كَالنَّسَبِ لَا يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ، وَيَثْبُتُ بِهَا الْوِلَادَةُ، وَقِيلَ: لَا فِطْرَ مَعَ الْغَيْمِ، (وَإِنْ صَامُوا لِأَجْلِ الْغَيْمِ، لَمْ يُفْطِرُوا) وَجْهًا وَاحِدًا قَالَهُ فِي الشَّرْحِ، لِأَنَّ الصَّوْمَ إِنَّمَا

الصفحة 8