كتاب المهذب في فقة الإمام الشافعي للشيرازي (اسم الجزء: 3)
لأنه يحتمل اليمين وهو أن يبتدئ بقوله بالله لتفعلن كذا وإن أراد أن يعقد للمسؤول بذلك يميناً لم ينعقد لواحد منهما لأن السائل صرف اليمين عن نفسه والمسؤول لم يحلف.
فصل: إذا قال والله لأفعلن كذا إن شاء زيد أن أفعله فقال زيد قد شئت أن يفعله انعقدت يمينه لأنه علق عقد اليمين على مشيئته وقد وجدت ثم يقف البر والحنث على فعل الشيء وتركه وإن قال زيد لست أشاء أن يفعله لم تنعقد اليمين لأنه لم يوجد شرط عقدها وإن فقدت مشيئته بالجنون أو الغيبة أو الموت لم ينعقد اليمين لأنه لم يتحقق شرط الانعقاد ولا ينعقد اليمين به. والله أعلم.
باب جامع الايمان
إذا حلف لا يسكن دارا وهو فيها فخرج في الحال بنية التحويل وترك رحله فيها لم يحنث لأن اليمين على سكناه وقد ترك السكنى فلم يحنث بترك الرحل كما لو حلف لا يسكن في بلد فخرج وترك رحله فيه وإن تردد إلى الدار لنقل الرحل لم يحنث لأن ذلك ليس بسكنى وإن حلف لا يسكنها وهو فيها أولا يلبس هذا الثوب وهو لابسه أولا يركب هذه الدابة وهو راكبها فاستدام حنث لأن الاسم يطلق على حال الاستدامة ولهذا تقول سكنت الدار شهرا ولبست الثوب شهرا وركبت الدابة شهرا وإن حلف لا يتزوج وهو متزوج أولا يتطهر وهو متطهر أولا يتطيب وهو متطيب فاستدام لم يحنث لأنه لا يطلق الاسم عليه في حال الاستدامة ولهذا تقول تزوجت من شهر وتطهرت من شهر وتطيبت من شهر ولا تقول تزوجت شهرا وتطهرت شهرا وتطيبت شهرا وإن حلف لا يدخل الدار وهو فيها فاستدام ففيه قولان: قال في الأم: يحنث لأن استدامة الدخول كالإبتداء في التحريم في ملك الغير فكذلك في الحنث في اليمين كاللبس والركوب وقال في حرملة: لا يحنث وهو الصحيح لأن الدخول لا يستعمل في الاستدامة ولهذا نقول دخلت الدار من شهر ولا تقول دخلتها شهراً فلم يحنث بالاستدامة كما لو حلف لا يتطهر أولا يتزوج فاستدام فإن حلف لا يسافر وهو في السفر فأخذ في العود لم يحنث لأنه أخذ في ترك السفر وإن استدام السفر حنث لأنه مسافر.