كتاب المهذب في فقة الإمام الشافعي للشيرازي (اسم الجزء: 3)

ينقض عليه بشيء وإن كان في يده دار فقال غصبتها من زيد وملكها لعمرو حكم بها لزيد لأنها في يده فقبل إقراره بها ولا يقبل قوله إن ملكها لعمرو لأنه إقرار في حق غيره ولا يغرم لعمرو شيئاً لأنه لم يكن منه تفريط لأنه يجوز أن يكون ملكها لعمرو وهي في يد زيد بإجارة أورهن أو غصبها منه فأقر بها على ما هي عليه فأما إذا قال هذه الدار ملكها لعمرو وغصبها من زيد ففيه وجهان: أحدهما: أنها كالمسألة قبلها إذ لا فرق بين أن يقدم ذكر الملك وبين أن يقدم ذكر الغصب والثاني: أنها تسلم إلى زيد وهل يغرم لعمرو على قولين كما لو قال هذه الدار لزيد لا بل لعمرو.
فصل: وإن أقر رجل على نفسه بنسب مجهول النسب يمكن أن يكون منه فإن كان المقر به صغيراً أو مجنوناً ثبت نسبه لأنه أقر له بحث فثبت كما لو أقر له بمال فإن بلغ الصبي أو أفاق المجنون وأنكر النسب لم يسقط النسب لأنه نسب حكم بثبوته فلم يسقط برده وإن كان المقر به بالغاً عاقلاً لم يثبت إلا بتصديقه لأن له قولاً صحيحاً فاعتبر تصديقه في الإقرار كما لو أقر له بمال وإن كان المقر به ميتاً فإن كان صغيراً أو مجنوناً ثبت نسبه لأنه يقبل إقراره به إذا كان حياً فقبل إذا كان ميتاً وإن كان عاقلاً بالغاً ففيه وجهان: أحدهما: أنه لا يثبت لأن نسب البالغ لا يثبت إلا بتصديقه وذلك معدوم بعد الموت والثاني: أنه يثبت وهو الصحيح لأنه ليس له قول فثبت نسبه بالإقرار كالصبي والمجنون وإن أقر بنسب بالغ عاقل ثم رجع عن الإقرار وصدقه المقر له في الرجوع ففيه وجهان: أحدهما: أنه يسقط النسب وهو قول أبي علي الطبري رحمه الله كما لو أقر له بمال ثم رجع في الإقرار وصدقه المقر له في الرجوع والثاني: وهو قول الشيخ أبي حامد الإسفرايني رحمه الله أنه لا يسقط لأن النسب إذا ثبت لا يسقط بالاتفاق على نفيه كالنسب الثابت بالفراش.
فصل: وإن مات رجل وخلف ابناً فأقر على أبيه بنسب فإن كان لا يرثه بأن كان عبداً أو قاتلاً أو كافراً والأب مسلم لم يقبل إقراره لأنه لا يقبل إقراره عليه بالمال فر يقبل إقراره عليه في النسب كالأجنبي وإن كان يرثه فأقر عليه بنسب لو أقر به الأب لحقه فإن كان قد نفاه الأب لم يثبت لأنه يحمل عليه نسباً حكم ببطلانه وإن لم ينفه الأب ثبت النسب بإقراره لما روت عائشة رضي الله عنها قالت: اختصم سعيد بن أبي وقاص وعبد ابن زمعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في ابن أمة زمعة فقال سعد بن أبي وقاص: أوصاني أخي عتبة إذا قدمت مكة أن أنظر إلى ابن أمة زمعة وأقبضه فإنه ابنه وقال عبد بن زمعة أخي

الصفحة 484