كتاب المنتظم في تاريخ الملوك والأمم (اسم الجزء: 3)
«لَمَّا كَانَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي، وَأَصْبَحْتُ بِمَكَّةَ فُظِعْتُ بِأَمْرِي [1] وَعَرِفْتُ أَنَّ النَّاسَ مُكَذِّبِيَّ» .
قَالَ: فَقَعَد [2] مُعْتَزِلا حَزِينًا، فَمَرَّ بِهِ أَبُو جَهْلٍ [3] فَجَاءَ حَتَّى جَلَسَ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ كَالْمُسْتَهْزِئِ: هل كان مِنْ شَيْءٍ؟
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَعَمْ» .
قَالَ: وَمَا هُوَ؟
قَالَ: «إِنِّي أُسْرِيَ بِي اللَّيْلَةَ» [4] .
قَالَ: إِلَى أَيْنَ؟.
قَالَ: «إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ» .
قَالَ: ثُمَّ أَصْبَحْتَ بَيْنَ ظَهْرَانِينَا؟! قَالَ: «نَعَمْ» .
قَالَ: فَلَمْ يَرَ أَنْ يُكَذِّبَهُ مَخَافَةَ أَنْ يَجْحَدَهُ الْحَدِيثَ إِنْ دعي قَوْمَهُ إِلَيْهِ [5] .
قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ دَعَوْتُ قَوْمَكَ، أَتُحَدِّثُهُمْ مَا حَدَّثْتَنِي [6] ؟
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَعَمْ.
فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ بَنِي كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍ.
حَتَّى انْتَفَضَتْ إِلَيْهِ الْمَجَالِسُ، وَجَاءُوا حَتَّى جَلَسُوا إِلَيْهِمَا.
قَالَ: حَدِّثْ قَوْمَكَ بِمَا حَدَّثْتَنِي.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي أُسْرِيَ بِي اللَّيْلَةَ» .
قالوا: إلى أين؟
__________
[1] في أ: «فضقت بأمري» .
[2] في الأصل: «فقعدت» .
[3] في المسند: «فمر عدو الله أبو جهل» .
[4] في المسند: «إنه أسري به الليلة» .
[5] في المسند: «إذا دعا قومه إليه» .
[6] في المسند: «إن دعوت قومك فحدثهم ما حدثتني» .
الصفحة 31