كتاب المنتظم في تاريخ الملوك والأمم (اسم الجزء: 3)
وأنا معك، قال: أبغنا خامسا. فذهب إلى زمعة بن الأسود، فكلمه وذكر له قرابتهم.
فقال: وهل لك معين [1] ؟ قال: نعم. فسمى له القوم، فاتعدوا خطم الحجون [2] التي بأعلى مكة، واجتمعوا هنالك وتعاهدوا على القيام في الصحيفة حتى ينقضوها. فقال زهير: أنا أبدؤكم. فلما أصبحوا غدوا إلى أنديتهم [3] ، وكانت قريش قد تجاوزت الكعبة، فكان شق البيت لبني عبد مناف وزهرة، وكان ما بين الركن الأسود واليماني لبني مخزوم وتيم وقبائل من قريش ضموا إليهم، وكان ظهر البيت [4] لبني جمح وبني سهم، وكان شق الحجر- وهو الحطيم- لبني عبد الدار، ولبني أسد بن عبد العزى، وبني عدي بن كعب، فغدا زهير فطاف بالبيت سبعا، ثم أقبل على الناس فقال: يا أهل مكة، إنا نأكل الطعام [5] ، ونشرب الشراب. ونلبس الثياب، وبنو هاشم هلكى، لا يباعون [6] ولا يبتاع منهم، والله لا أقعد حتى تشق هذه الصحيفة القاطعة الظالمة. فقال أبو جهل: كذبت، والله لا تشق. فقال زمعة بن الأسود: أنت والله أكذب، ما رضينا كتابتها حين كتبت [7] . فقال أبو البختري: صدق زمعة، لا نرضى ما كتب فيها ولا نقر به: فقال المطعم: صدقتما وكذب من قال غير ذلك، نبرأ إلى الله منها ومما كتب فيها.
وقال هشام بن عمرو نحوا من ذلك. / فقال أبو جهل: هذا أمر قضي بليل وتشوور فيه بغير [هذا المكان] [8] فقام المطعم إلى الصحيفة ليشقها [9] ، فوجد الأرضة قد أكلتها، إلا ما كان من «باسمك اللَّهمّ» .
__________
[1] في تاريخ الطبري، وسيرة ابن هشام: «وهل على هذا الأمر الّذي تدعوني إليه من أحد» .
[2] في الأصل: «فاتعدوا حطيم الحجون» . وفي أ: «فاقعدوا حطم الحجون» . وما أوردناه عن الطبري وابن هشام.
والحجون: موضع بأعلى مكة. وخطمه: مقدمه.
[3] في الأصل: «غدوا على أنديتكم» .
[4] كتب في الأصل فوق «البيت» . «الكعبة» . وفي أ: «الكعبة» .
[5] كذا في الأصل، أ، وفي ابن هشام، والطبري: «أنأكل الطعام» .
[6] في الطبري: «لا يبايعون» . وفي ابن هشام: «لا يباع» .
[7] في الطبري: «ما رضينا كتابها حين كتبت» . وفي ابن هشام: «ما رضينا كتابها حيث كتبت» .
[8] ما بين المعقوفتين: مكانه في الأصل مطموس، وساقط من أ، وأوردناه من الطبري وابن هشام.
[9] في الأصل: «الصحيفة يشقها» .
الصفحة 5
387