كتاب المنتظم في تاريخ الملوك والأمم (اسم الجزء: 3)

عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ الْعُذْرِيِّ [1] ، قال: قال أبو طالب: يا ابن أَخِي، وَاللَّهِ لَوْلا رَهْبَةُ أَنْ تَقُولَ قُرَيْشٌ: [وهرني] [2] الْجَزَعُ، فَتَكُونَ سُبَّةً عَلَيْكَ وَعَلَى بَنِي أَبِيكَ لَفَعَلْتُ الَّذِي تَقُولُ، وَأَقْرَرْتُ/ عَيْنَكَ لِمَا أَرَى مِنْ شُكْرِكَ وَوَجْدِكَ وَنَصِيحَتِكَ [لِي.
ثُمَّ إِنَّ أَبَا طَالِبٍ دعَاَ] [3] بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَ: لَنْ تَزَالُوا بِخَيْرٍ مَا سَمِعْتُمْ مِنْ مُحَمَّدٍ [وَمَا اتَّبَعْتُمْ] أَمْرَهُ، فَاتَبِّعُوهُ وَأَعِينُوهُ تَرْشُدُوا.
فَقَالَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لم تَأْمُرْهُمْ بِهَا [4] وَتَدَعْهَا لِنَفْسِكَ؟» .
فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: أَمَا إِنَّكَ لَوْ سَأَلْتَنِي [5] الْكَلِمَةَ وَأَنَا صَحِيحٌ لتابعتك على الّذي تقول، ولكني أكره أَنْ أَجْزَعَ عِنْدَ الْمَوْتِ، فَتَرَى قُرَيْشُ أَنِّي أَخَذْتُهَا جَزَعًا وَرَدَدْتُهَا فِي صِحَّتِي [6] . قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ: وَحَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَخْبَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَوْتِ أَبِي طَالِبٍ فَبَكَى ثُمَّ قَالَ:
«اذْهَبْ فَاغْسِلْهُ وَكَفِّنْهُ وَوَارِهِ، غَفَرَ اللَّهُ لَهُ وَرَحِمَهُ» .
قَالَ فَفَعَلْتُ. قَالَ، وَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَغْفِرُ لَهُ أَيَّامًا وَلا يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ، حَتَّى نَزَلَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ بِهَذِهِ الآَيَةِ: مَا كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى 9: 113 [7] .
__________
[1] في الأصل: «العلويّ» .
[2] في الأصل دهدني، وقد صححت من ألوفا بأحوال المصطفى فقرة رقم 280 ص 209 ط. دار الكتب العلمية.
[3] ما بين المعقوفتين: مطموس في الأصل.
[4] في الطبقات: «أتأمرهم بها» .
[5] في طبقات ابن سعد: «أما لو إنك سألتني» .
[6] طبقات ابن سعد 1/ 122، 123.
[7] سورة: التوبة، الآية: 113.

الصفحة 9