كتاب شرح الأشمونى لألفية ابن مالك (اسم الجزء: 3)

ونفاه الجمهور وتأولوا البيت1.
الثاني: رد السهيلي رحمه الله تعالى، بدل البعض وبدل الاشتمال إلى بدل الكل، فقال: العرب تتكلم بالعام وتريد الخاص، وتحذف المضاف وتنويه فإذا قلت: "أكلت الرغيف ثلثه" إنما تريد أكلت بعض الرغيف ثم بينت ذلك البعض، وبدل المصدر من الاسم إنما هو في الحقيقة من صفة مضافة إلى ذلك الاسم.
الثالث: اختلف في المشتمل في بدل الاشتمال؛ فقيل: هو الأول، وقيل: الثاني، وقيل: العامل وكلامه هنا يحتمل الأولين، وذهب في التسهيل إلى الأول.
الرابع: رد المبرد وغيره بدل الغلط وقال: لا يوجد في كلام العرب نظمًا ولا نثرًا، وزعم قوم منهم ابن السيد أنه وجد في كلام العرب كقول ذي الرمة "من البسيط":
862-
لَمْيَاءُ فِي شَفَتَيهَا حُوَّةٌ لَعَسٌ ... "وَفِي اللثاثِ وَفي أَنْيَابها شَنَبُ"
فاللعس: بدل غلط لأن الحوة السواد واللعس سواد يشوبه حمرة، وذكر بيتين آخرين، ولا حجة له فيما ذكره لإمكان تأويله.
الخامس: قد فهم من كون البدل تابعًا أنه يوافق متبوعه في الإعراب، وأما موافقته إياه في الإفراد والتذكير والتنكير وفروعها فلم يتعرض لها هنا، وفيه تفصيل؛ أما التنكير وفرعه
__________
1 من التأويلات أن "اليوم" يريد به الوقت مطلقًا، وليس الوقت الممتد، من طلوع الفجر إلى غروبها، أو مقدر 24 ساعة، وعلى هذا يكون إبدال "اليوم" من "غداة البين" من نوع بدل الكل من الكل.
862- التخريج: البيت لذي الرمة في ديوانه ص32؛ والخصائص 3/ 291؛ والدرر 6/ 56؛ ولسان العرب 1/ 507 "شنب"، 6/ 207 "لعس"، 14/ 207 "حوا"؛ والمقاصد النحوية 4/ 203؛ وهمع الهوامع 2/ 126.
اللغة: اللمياء: التي في شفتيها سمرة. الحوة: الحمرة المائلة إلى السواد في الشفة. اللعس: السمرة في باطن الشفة. اللثاث: ج اللثة، وهي ما حول الأسنان من اللحم. الشنب: صفاء الأسنان.
الإعراب: لمياء: خبر لمبتدأ محذوف تقديره: "هي". في شفتيها: جار ومجرور متعلقان بخبر محذوف. حوة: مبتدأ مؤخر مرفوع. لعس: بدل من "حوة" مرفوع. وفي الثالث: "الواو" حرف عطف، و"في اللثاث": جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر. وفي أنيابها: جار ومجرور معطوف على "في اللثاث" وهو مضاف، و"ها": ضمير في محل جر بالإضافة. شنب: مبتدأ مؤخر مرفوع.
وجملة "هي لمياء" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "في شفتيها حوة" في محل رفع نعت "لمياء". وجملة "في أنيابها شنب": معطوفة على سابقتها.
الشاهد فيه قوله: "حوة لعس" حيث وقعت "لعس" بدل غلط من "حوة".

الصفحة 6