كتاب شرح الزركشي على مختصر الخرقي - العلمية (اسم الجزء: 3)

هل حكمه حكم السبب الذي هو الإصابة أم لا ؟ يخرج على قولين ، ولهذا شبه بما إذا تعددت الأسباب كما يذكر في مسألة التجاذب ، هل يناط الحكم بالجميع أو بآخرها ؟ على قولين ، فترتب الحكم على الجميع شبه قول أبي بكر ، وتعلق الحكم بالآخر ، وهو المشهور ، شبه قول الخرقي .
قال : وإذا قتل رجل اثنين ، واحداً بعد واحد ، فاتفق أولياء الجميع على القود ، أقيد لهما ، وكذلك إن أراد أولياء الأول القود ، والثاني الدية أقيد للأول ، وأعطي أولياء الثاني الديّه من ماله ، وكذلك إن أراد أولياء الأول الدية ، والثاني القود .
ش : إذا قتل واحد جماعة فرضي أولياؤهم بأخذه بجميعهم ، أخذ بهم ، لرضاهم بدون حقهم ، أشبه ما لو رضي صاحب اليد الصحيحة بالشلاء ، وإن طلب أحدهم القصاص ، والآخر الدية ، فلهم ذلك ، سواء كان من رضي بالقود حقه متقدماً أو متأخراً .
2940 لعموم قول النبي : ( من قتل له قتيل فأهله بين خيرتين ، إن أحبوا قتلوا ، وإن أحبوا أخذوا الدية ) وإن تشاحوا فيمن يقتص منه منهم على الكمال ، فإن كانت حقوقهم تعلقت به في حال واحدة ، قدم أحدهم بالقرعة ، وإن اختلف وقت التعلق فهل يقدم أحدهم بالقرعة ، وهو الذي أورده أبو البركات مذهباً لتساوي حقوقهم بالنسبة إلى البدل والمال ، أو أسبقهم ، لتميزه بالسبق ، وبه جزم أبو محمد ؟ فيه وجهان .
قال : وإذا جرحه جرحاً يمكن الاقتصاص منه بلا حيف اقتص منه .
ش : الأصل في جريان القصاص في الجروح في الجملة الإجماع ، وقد شهد له قوله تعالى : 19 ( { والجروح قصاص } ) .
2941 وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن الربيع عمته كسرت ثنية جارية ، فطلبوا إليها العفو ، فأبوا ، فعرضوا الأرش فأبوا ، فأتوا رسول الله وأبوا إلا القصاص ، فأمر رسول الله بالقصاص ، فقال أنس بن النضر رضي الله عنه : أتكسر ثنية الربيع ، والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها . فقال رسول الله : ( يا أنس كتاب الله القصاص ) فرضي القوم ، فقال رسول الله : ( إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره ) رواه البخاري ، وفي رواية مسلم أن أخت الربيع جرحت إنساناً ، وأن السائل أم الربيع ، ولعلهما واقعتان .
إذ تقرّر هذا فيشترط لجريان القصاص في الجروح ثلاثة شروط ( أحدها ) إمكان القصاص من غير حيف ، ككل جرح ينتهي إلى عظم ، كما في الموضحة ، لقول الله
____________________

الصفحة 21