كتاب شرح الزركشي على مختصر الخرقي - العلمية (اسم الجزء: 3)


إني لأذكره يوماً فأحسبه

أوفى البرية عند اللَّه ميزاناً

ولهذا كان أشهر الروايتين عن إمامنا رحمه الله تكفيرهم ( والوجه الثاني ) وهو جواب أبي بكر أن عبد الرحمن بن ملجم شهر السلاح ، وسعى في الأرض بالفساد ، وحارب الله ورسوله ، وإذاً يتحتم قتله فيكون كقاطع الطريق إذا قتل ، والحسن هو الإمام ، فقتله لذلك ، ولذلك لم ينتظر الغائبين ، وقد حكي الاتفاق على وجوب انتظارهم ، ونقل عبد الله : إذا كان في الأولياء صبي أو مصاب لم يقتل حتى يشب الصغير ، وإن كان مصاباً يصيرون إلى الدية ، قال القاضي : وظاهر هذا أنه أسقط القصاص رأساً في حق المجنون ، وأثبته في حق الصغير ، كما قال ، وهو محمول على أن جنونه مطبق ، لا يرجى زواله .
قال : ومن عفى من ورثة المقتول عن القصاص ، لم يكن إلى القصاص سبيل ، وإن كان العافي زوجاً أو زوجة .
ش : ( قد تضمن ) كلام الخرقي صحة العفو عن القصاص ، وهو إجماع ولله الحمد ، بل هو أفضل ، لقوله سبحانه : 19 ( { فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف ، وأداء إليه بإحسان } ) وقال تعالى : 19 ( { والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له } ) .
2948 وقال أنس بن مالك رضي الله عنه : 16 ( ما رأيت رسول الله رفع إليه شيء فيه القصاص إلا أمر فيه بالعفو ) . رواه الخمسة إلا الترمذي .
2949 وعن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه ، أن رسول الله قال : ( ثلاث والذي نفس محمد بيده إن كنت لحالفاً عليهن ، لا ينقص مال من صدقة فتصدقوا ، ولا يعفو عبد عن مظلمة يبتغي بها وجه الله إلا زاده الله تعالى بها عزاً يوم القيامة ، ولا يفتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر ) رواه أحمد .
( وتضمن أيضاً ) أن القصاص حق لجميع الورثة يرثه من يرث المال .
2950 وذلك لما روى عمرو بن شعيب ، عن أبيه عن جده ، أن رسول الله قضى أن يعقل عن المرأة عصبتها من كانوا ، ولا يرثوا منها إلا ما فضل من ورثتها ، وإن قتلت فعقلها بين ورثتها ، وهم يقتلون قاتلها ، رواه الخمسة إلا الترمذي ، ويتفرع على هذا أنه من عفى من الورثة عن القصاص سقط ، إذ القتل عبارة عن زهوق الروح بآلة صالحة ، وذلك لا يتبعض ، فإذا أسقط بعض مستحقيه حقه منه سقط ، لتعذر استيفائه .
____________________

الصفحة 27