كتاب شرح الزركشي على مختصر الخرقي - العلمية (اسم الجزء: 3)


2951 وقد روي عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله قال : ( وعلى المقتتلين أن ينحجزوا الأول فالأول وإن كان امرأة ) رواه النسائي ، وأبو داود ولفظه : ( الأولى فالأولى ) .
وقوله : وإن كان العافي زوجة ، تنصيص على مخالفة مذهب الغير ، وذلك لما تقدم .
2952 وعن عمر رضي الله عنه أنه أتي برجل قد قتل قتيلاً ، فجاء ورثة المقتول ليقتلوه ، فقالت امرأة المقتول وهي أخت القاتل : قد عفوت عن حقي . فقال عمر رضي الله عنه : 16 ( الله أكبر عتق القتيل ) . رواه أبو داود ( وقوله ) : عن القصاص : يحترز به والله أعلم عما إذا عفى عن الدية ، فإنه يكون مختاراً للقود ، ولم أعلم من صرح بذلك ، وأظن ذلك وقع للقاضي في روايتيه ، وقال : أومأ إليه أحمد في رواية الميموني ( وقوله ) : لم يكن إلى القصاص سبيل ، أي طريق ، ويفهم منه أن له إلى الدية سبيل ، وهو كذلك ، أما في حق من لم يعف فواضح ، لتعذّر القصاص عليه ، وذلك يوجب تعين الدية له ، وأما في حق من عفى فهو ينبني على أصل ، وهو أن الواجب في قتل العمد أحد شيئين ، القصاص أو الدية على المذهب ، فعلى هذا إذا عفى عن القصاص ثبتت له الدية ، ويأتي إن شاء الله تعالى تمام الكلام على ذلك .
( تنبيه ) : ( المقتتلين ) هنا أن يطلب أولياء القتيل القود ، فيمتنع القتلة ، فينشأ بينهم الحرب والقتال من أجل ذلك ، فجعلهم مقتتلين بفتح التائين من أجل ذلك ، يقال : اقتتل فهو مقتتل ، غير أن هذا إنما يستعمل أكثره فيمن قتله الحرب قاله الخطابي . ( وينحجزوا ) أي ينكفوا عن القود ، بعفو أحدهم ولو كان امرأة ، ( والأول فالأول ) أي الأقرب فالأقرب .
قال : وإذا اشترك الجماعة في القتل فأحب الأولياء أن يقتلوا الجميع فلهم ذلك ، وإن أحبوا أن يقتلوا البعض ، ويعفو عن البعض ، ويأخذوا الدية من الباقين ، كان لهم ذلك .
ش : إذا اشترك الجماعة في القتل فللأولياء أن يقتلوا الجميع ، بناء على المذهب ، من أن الجماعة تقتل بالواحد وقد تقدم ، ولهم أن يقتلوا البعض ، لأنهم إذا كان لهم قتل الجميع فقتل البعض بطريق الأولى ، ويعفوا عن البعض ، لأن من له قتل شخص ، له العفو عنه كما تقدم ، ولا يسقط القصاص عن البعض بالعفو عن البعض ، لأنهما شخصان فلا يسقط القصاص عن أحدهما بإسقاطه عن الآخر ، كما لو قتل كل واحد رجلاً ، ويأخذوا الدية من البعض ، لأن من ملك قتل شخص ، ملك العفو عنه إلى الدية كما سيأتي ، وماذا يأخذ منه ، هل يأخذ منه دية كاملة ، أو بقسطه من الدية ،
____________________

الصفحة 28