كتاب شرح الزركشي على مختصر الخرقي - العلمية (اسم الجزء: 3)

فلو كان القاتلون أربعة فعليه ربع الدية ؟ فيه روايتان تقدمتا .
وقول الخرقي : ويأخذوا الدية ، ظاهره وإن لم يرض الجاني ، وهو يستدعي بيان أصل ، وهو أن موجب العمد ما هو ؟ عن أحمد ثلاث روايات ( إحداهن ) ، وهو المذهب عند الأصحاب وتقدمت الإشارة إليه موجبه أحد شيئين ، القصاص أو الدية ، لقوله سبحانه : 19 ( { فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان } ) أوجب سبحانه الاتباع بالمعروف بمجرد العفو ، وهو يشمل ما إذا عفى مطلقاً ، وذلك فائدة أن الواجب أحد شيئين .
2953 وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان في بني إسرائيل القصاص ، ولم تكن الدية فيهم ، فقال الله سبحانه لهذه الأمة : 19 ( { كتب عليكم القصاص في القتلى } ) الآية 19 ( { فمن عفي له من أخيه شيء } ) قال : فالعفو أن يقبل في العمد الدية ، مختصر ، رواه البخاري وغيره ، قال الزمخشري في قوله تعالى : 19 ( { ذلك تخفيف من ربكم ورحمة } ) أهل التوراة كتب عليهم القصاص ، وحرم العفو وأخذ الدية ، وأهل الإنجيل العفو ، وحرم القصاص والدية ، وخيرت هذه الأمة بين الثلاث ، القصاص والدية والعفو ، ونحوه قال البغوي ، إلا أنه قال : وأهل الإنجيل الدية .
2954 وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن النبي قال : ( من قتل له قتيل فهو بخير النظرين ، إما أن يقتل ، وإما أن يفدى ) متفق عليه .
2955 وعن أبي شريح الخزاعي رضي الله عنه ، قال : سمعت رسول الله يقول : ( من أصيب بدم أو خبل والخبل الجراح ، فهو بالخيار بين إحدى ثلاث ، بين أن يقتص ، أو يأخذ العقل ، أو يعفو ، فإن أراد رابعة فخذوا على يديه ) ثم تلا ؛ 19 ( { فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم } ) رواه أحمد وأبو داود . وهذا نص ( والرواية الثانية ) موجب العمد القود عيناً ، وله العفو إلى الدية من غير رضى الجاني ، فتكون الدية بدلاً عن القصاص ، اختارها ابن حامد ، لظاهر قول الله تعالى ؛ 19 ( { كتب عليكم القصاص } ) .
2956 وقول النبي : ( من قتل عمداً فهو قود ، ومن حال دونه فعليه لعنة الله ، لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً ) رواه أبو داود والنسائي . ( والثالثة ) موجبه القود عيناً ، وليس له العفو على الدية بدون رضى الجاني ، لأن هذا متلف يجب به البدل ، فكان بدله معيناً ، كسائر أبدال المتلفات .
إذا تقرّر هذا فكلام الخرقي جار على الرواية الأولى ، إذ عليها إذا اختار الدية
____________________

الصفحة 29