كتاب شرح الزركشي على مختصر الخرقي - العلمية (اسم الجزء: 3)

(كتاب عتق أمهات الأولاد)

ش: (أمهات) واحدتها، أم، وأصلها أمهة، فلذلك جمعت على أمهات باعتبار الأصل، وأمات باعتبار الواحدة، وقيل: الأمهات: للناس، والأمات للبهائم، وقد أشعر كلام المصنف في الباب بجواز التسري ووطء الإماء، وهو إجماع لا ريب فيه، وقد شهد له قوله تعالى: [ب 2] 19 ({والذين هم لفروجهم حافظون، إلا على أزواجهم وما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين}) [ب 1] واستفاض أن النبي استولد مارية القبطية أم إبراهيم عليه السلام، وعملت الصحابة على ذلك، فاتخذ عمر وعلي وكثير من الصحابة رضوان اللَّه عليهم أمهات الأولاد واللَّه أعلم.
قال: وأحكام أمهات الأولاد أحكام الإماء في جميع أمورهن، إلا أنهن لا يبعن.
ش: أما كون أحكام أمهات الأولاد أحكام الإماء في جميع أمورهن، عدا ما استثناه فلأنها مملوكة، فأشبهت القن.
3922 ودليل الوصف ما روى ابن عباس رضي اللَّه عنه قال: من وطىء أمته فولدت له فهي معتقة عن دبر منه، أو قال من بعده. رواه أحمد وابن ماجه، وفي لفظ: (أيما امرأة ولدت من سيدها فهي معتقة عن دبر منه، أو قال: من بعده) رواه أحمد فدل على أنها قبل ذلك باقية على الرق، فعلى هذا لسيدها كسبها وإجارتها، وتزويجها وعتقها، ووطؤها ونحو ذلك من أحكام الإماء، ولا يرد عليه كونها لا تورث، بل تعتق بموت سيدها، ويحد قاذفها، وتستتر سترة الحرة على رواية فيهما، لذكر المصنف عقب هذا، نعم يرد عليه تدبيرها فإنه لا يصح، لانتفاء فائدته، ولهذا لو طرأ الاستيلاد على التدبير أبطله، قاله ابن حمدان.
قلت: يصح إن جاز بيعها، وقلنا: التدبير عتق بصفة، وقد يرد عليه ما أشعر به كلام أحمد في رواية أبي طالب، وسأله: هل يطأ مكاتبته قال: لا يطؤها لأنه لا يقدر أن يبيعها ولا يهبها، فجعل العلة في امتناع الوطء منع [البيع، والبيع هنا ممنوع كما سيأتي، لكن المعروف في المذهب خلاف هذا، وأنه يجوز الوطء، وقد يرد عليه أيضاً ما ينقل الملك غير] البيع كالهبة ونحوها، أو يراد للنقل كالرهن، فإنه لا يجوز، مع أنه لم يستثن إلا البيع، وقد يقال: إنه استثنى البيع وهذه في معناه.
____________________

الصفحة 478