كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 3)

@ 10 @

$ ذكر تسيير أبي ذر إلي الربذة $
وفي هذه السنة كان ما ذكر في أمر أبي ذر وإشخاص معاوية إياه من الشام إلي المدينة وقد ذكر في سبب ذلك أمور كثيرة من سب معاوية إياه وتهديده بالقتل وحمله إلي المدينة من الشام بغير وطاء ونفيه من المدينة علي الوجه الشنيع لا يصح النقل به ولو صح لكان ينبغي أن يعتذر عن عثمان فإن للإمام أن يؤدب رعيته وغير ذلك من الأعذار لا أن يجعل ذلك سببا للطعن عليه كرهت ذكرها
وأما العاذرون فإنهم قالوا لما ورد ابن السوداء إلي الشام لقي أبا ذر فقال يا أبا ذر ألا تعجب من معاوية يقول المال مال الله إلا إن كل شيء لله كأنه يريد أن يحتجنه دون الناس ويمحو اسم المسلمين فأتاه أبو ذر فقال ما يدعوك إلي أن تسمي مال المسلمين مال الله الساعة قال يرحمك الله يا أبا ذر ألسنا عباد الله والمال ماله والخلق خلقه والأمر أمره قال فلا تقله قال سأقول مال المسلمين وأتي ابن السوداء أبا الدرداء فقال له مثل ذلك فقال له من أنت أظنك والله يهوديا فأتي عبادة بن الصامت فتعلق به عبادة وأتي به معاوية فقال هذا والله الذي بعث عليك أبا ذر
وكان أبو ذر يذهب إلي أن المسلم لا ينبغي له أن يكون في ملكه أكثر من قوت يومه وليلته أو شيء ينفقه في سبيل الله أو يعده لكريم ويأخذ بظاهر القرآن { والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم } فكان يقوم بالشام ويقول يا معشر الأغنياء واسوا الفقراء بشر الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله بمكاو من نار تكوي بها جباههم وجنوبهم وظهورهم فما زال حتى ولع الفقراء بمثل ذلك وأوجبوه علي الأغنياء وشكا الأغنياء ما يلقون منهم فأرسل معاوية إليه بألف دينار في جنح الليل فأنفقها فلما صلي معاوية الصبح دعا رسوله الذي أرسله إليه فقال اذهب إلي أبي ذر فقل له انقذ جسدي من عذاب معاوية فإنه أرسلني إلي غيرك وإني أخطأت بك ففعل ذلك فقال له أبو ذر يا بني قل له والله ما أصبح عندنا من دنانيرك دينار ولكن أخرنا ثلاثة أيام حتى نجمعها

الصفحة 10