كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 3)

@ 32 @
وتكلم القوم معه فقال عبد الرحمن الأسدي وكان علي شرطة سعيد أتردون علي الأمير مقالته وأغلظ لهم
فقال الأشتر من ها هنا لا يفوتنكم الرجل
فوثبوا عليه فوطأوه وطأ شديدا حتى غشي عليه ثم جروا برجله فنضج بماء فأفاق فقال قتلني من انتخبت
فقال والله لا يسمر عندي أحد أبدا
فجعلوا يجلسون في مجالسهم يشتمون عثمان وسعيدا واجتمع إليهم الناس حتى كثروا فكتب سعيد وأشراف أهل الكوفة إلي عثمان في إخراجهم فكتب إليهم أن يلحقوهم بمعاوية وكتب إلي معاوية إن نفرا قد خلقوا للفتنة فأقم عليهم وأنههم فإن آنست منهم رشدا فاقبل وإن أعيوك فارددهم علي
فلما قدموا علي معاوية أنزلهم كنيسة مريم وأجري عليهم ما كان لهم بالعراق بأمر عثمان وكان يتغذى ويتعشى معهم فقال لهم يوما إنكم قوم من العرب لكم أسنان وألسنة وقد أدركتم بالإسلام شرفا وغلبتم الأمم وحويتم مواريثهم وقد بلغني أنكم نقمتم قريشا ولو لم تكن قريش كنتم أذلة إن أئمتكم لكم جنة فلا تفترقوا عن جنتكم وإن أئمتكم يصبرون لكم علي الجور ويحتملون منكم المؤنة والله لتنتهن أو ليبتلينكم الله بمن يسومكم السوء ولا يحمدكم علي الصبر ثم تكونون شركاءهم فيما جررتم علي الرعية في حياتكم وبعد وفاتكم
فقال رجل منهم وهو صعصعة أما ما ذكرت من قريش فإنها لم تكن أكثر العرب ولا أمنعها في الجاهلية فتخوفنا وأما ما ذكرت من الجنة فإن الجنة إذا اخترقت خلص إلينا فقال معاوية
عرفتكم الآن وعلمت أن الذي أغراكم علي هذا قلة العقول وأنت خطيبهم ولا أري لك عقلا أعظم عليك أمر الإسلام وأذكرك به وتذكرني بالجاهلية أخزي الله قوما عظموا أمركم افقهوا عني ولا أظنكم تفقهون إن قريشا لم تعز في جاهلية ولا إسلام إلا بالله تعالي لم تكن بأكثر العرب ولا أشدهم ولكنهم كانوا أكرمهم أحسابا وأمحضهم أنسابا وأكملهم مروءة ولم يمتنعوا في الجاهلية والناس يأكل بعضهم بعضا

الصفحة 32