كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 3)

@ 33 @
إلا بالله فبوأهم حرما آمنا يتخطف الناس من حولهم هل تعرفون عربيا أو عجميا أو أسود أو أحمر إلا وقد أصابه الدهر في بلده وحرمته إلا ما كان من قريش فإنهم لم يردهم أحد من الناس بكيد إلا جعل الله خده الأسفل حتى أراد الله أن يستنقذ من أكرم واتبع دينه من هوان الدنيا وسوء مرد الآخرة فارتضي لذلك خير خلقه ثم ارتضي له أصحابا فكان خيارهم قريشا ثم بني هذا الملك عليهم وجعل هذه الخلافة فيهم فلا يصلح ذلك إلا عليهم فكان الله يحوطهم في الجاهلية وهم علي كفرهم افتراء لا يحوطهم وهم علي دينه أف لك ولأصحابك أما أنت يا صعصعة فإن قريتك شر القرى أنتنها بيتا وأعمقها واديا وأعرفها بالشر وألأمها جيرانا لم يسكنها شريف قط ولا وضيع إلا سب بها ثم كانوا ألأم العرب ألقابا وأصهارا نزاع الأمم وأنتم جيران الخط وفعلة فارس حتى أصابتكم دعوة النبي لم تسكن البحرين فتشركهم في دعوة النبي فأنت شر قومك حتى إذا أبرزك الإسلام وخلطك بالناس أقبلت تبتغي دين الله عوجا وتنزع إلي الذلة ولا يضر ذلك قريشا ولا يضعهم وإن يمنعهم من تأدية ما عليهم إن لشيطان عنكم غير غافل قد عرفكم بالشر فأغرى بكم الناس وهو صارعكم ولا تدركون بالشر أمرا أبدا إلا فتح الله عليكم شرا منه وأخزي
ثم قام وتركهم فتقاصرت إليهم أنفسهم فلما كان بعد ذلك أتاهم فقال إني قد أذنت لكم فاذهبوا حيث شئتم لا ينفع الله بكم أحدا ولا يضره ولا أنتم برجال منفعة ولا مضرة فإن أردتم النجاة فالزموا جماعتكم ولا يبطرنكم الأنعام فإن البطر لا يعتري الخيار اذهبوا حيث شئتم فسأكتب إلي أمير المؤمنين فيكم
فلما خرجوا دعاهم وقال لهم إني معيد لكم أن رسول الله كان معصوما فولاني وأدخلني في أمره ثم استخلف أبو بكر فولاني ثم استخلف عمر فولاني ثم استخلف عثمان فولاني ولم يولني أحد إلا وهو عني راض وإنما طلب رسول الله للأعمال أهل الجزاء من المسلمين والغناء وإن الله ذو سطوات ونقمات يمكر بمن مكر به فلا تعرضوا الأمر وأنتم تعلمون من أنفسكم غير ما تظهرون فإن الله غير تارككم حتى يختبركم ويبدي للناس سرائركم
وكتب معاوية إلي عثمان إنه قدم علي أقوام ليست لهم عقول ولا أديان أضجرهم العدل لا يريدون الله بشيء ولا يتكلمون بحجة إنما همهم الفتنة وأموال

الصفحة 33