كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 3)

@ 413 @
فارس فنزلوا علي الشريعة وحالوا بن الحسين وبين الماء وذلك قبل قتل الحسين بثلاثة أيام ونادي عبد الله بن أبي الحصين الأزدي وعداده في بجيلة يا حسين أما تنظر إلي الماء كأنه كبد السماء والله لا تذوق منه قطرة حتى تموت عطشا فقال الحسين اللهم اقتله عطشا ولا تغفر له أبدا قال فمرض فيما بعد فكان يشرب ماء القلة ثم يقيء ثم يعود فيشرب حتى يتغرغر ثم يقيء ثم يشرب فما يروي فما زال كذلك حتى مات
فلما اشتد العطش علي الحسين وأصحابه أم أخاه العباس بن علي فسار في عشرين راجلا يحملون القرب وثلاثين فارسا فدنوا من الماء فقاتلوا عليه وملأوا القرب وعادوا
ثم بعث الحسين إلي عمرو بن سعد عمرو بن قرظة بن كعب الأنصاري أن القني الليلة بين عسكري وعسكرك فخرج إليه عمر فاجتمعا وتحادثا طويلا ثم انصرف كل واحد منهما إلي عسكره وتحدث الناس أن الحسين قال لعمر بن سعد اخرج معي إلي يزيد بن معاوية وندع العسكرين فقال عمر أخشي أن تهدم داري قال أبنيها لك خيرا منها قال تؤخذ ضياعي قال أعطيك خيرا منها من مالي بالحجاز فكره ذلك عمر وتحدث الناس بذلك ولم يسمعوه
وقيل بل قال له اختاروا مني واحدة من ثلاث إما إن أرجع إلي المكان الذي أقبلت منه وإما أن أضع يدي في يد يزيد بن معاوية فيري فيما بيني وبين رأيه وإما أن تسيروا بي إلي أي ثغر من ثغور المسلمين شئتم فأكون رجلا من أهله لي ما لهم وعلي ما عليهم
وقد روي عن عقبة بن سمعان أنه قال صحبت من المدينة إلي مكة ومن مكة إلي العراق ولم أفارقه حتى قتل وسمعت جميع مخاطباته الناس إلي يوم مقتله فوالله ما أعطاهم ما يتذاكر به الناس من أنه يضع يده في يد يزيد ولا أن يسيروه إلي ثغر من ثغور المسلمين ولكنه قال دعوني أرجع إلي المكان الذي أقبلت منه أو دعوني أذهب في هذه الأرض العريضة حتى ننظر إلي ما يصير إليه أمر الناس فلم يفعلوا

الصفحة 413