كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 3)

@ 417 @
يا أخية لا يذهبن حلمك الشيطان قال بأبي أنت وأمي استقلت نفسي لنفسك الفداء فردد غصته وترقرقت عيناه ثم قال لو ترك القطا ليلا لنام فلطمت وجهها وقالت واويلتاه أفتغصبك نفسك اغتصابا فذلك أقرح لقلبي وأشد علي نفسي ثم لطمت وجهها وشقت جيبها وخرت مغشيا عليها فقام إليها الحسين فصب الماء علي وجهها وقال اتقي الله وتعزي بعزاء الله واعلمي أن أهل الأرض يموتون وأهل السماء لا يبقون وأن كل شيء هالك إلا وجه الله أبي خير مني وأمي خير مني وأخي خير مني لي ولهم ولكل مسلم برسول الله أسوة
فعزاها بهذا ونحوه وقال لها يا أخية إني أقسم عليك فأبري قسمي لا تشقي علي جيبا ولا تخمشي علي وجها ولا تدعي علي بالويل والثبور إن أنا هلكت
ثم خرج إلي أصحابه فأمرهم أن يقربوا بعض بيوتهم من بعض وأن يدخلوا الأطناب بعضها في بعض ويكونوا بين يدي البيوت فيستقبلوا القوم من وجه واحد والبيوت علي أيمانهم وعن شمائلهم ومن ورائهم فلما أمسوا قاموا الليل كله يصلون ويستغفرون ويتضرعون ويدعون $ المعركة $
فلما صلي عمر بن سعد الغداة يوم السبت وقيل الجمعة يوم عاشوراء خرج فيمن معه من الناس وعبأ الحسين أصحابه وصلي بهم صلاة الغداة وكان معه اثنان وثلاثون فارسا وأربعون راجلا فجعل زهير بن القين في ميمنة أصحابه وحبيب بن مطهر في ميسرتهم وأعطي رايته العباس أخاه وجعلوا البيوت في ظهورهم وأمر بحطب وقصب فألقي في مكان منخفض من ورائهم كأنه ساقية عملوه في ساعة من الليل لئلا يؤتوا من ورائهم واضرم نارا فنفعهم ذلك وجعل عمر بن سعد علي ربع أهل المدينة عبد الله بن زهير الأزدي وعلي ربع ربيعة وكندة قيس بن الأشعث بن قيس وعلي ربع مذحج وأسد عبد الرحمن بن أبي سبرة الجعفي وعلي ربع تميم وهمدان الحر بن يزيد الرياحي فشهد هؤلاء كلهم مقتل الحسين إلا الحر بن يزيد فإنه عدل إلي الحسين وقتل معه

الصفحة 417