كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 3)

@ 418 @
وجعل عمر علي ميمنته عمرو بن الحجاج الزبيدي وعلي ميسرته شمر بن ذي الجوشن وعلي الخيل عروة بن قيس الأحمسي وعلي الرجال شبت بن ربعي اليربوعي التميمي وأعطي الراية دريدا مولاه فلما دنوا من الحسين أمر فضرب له فسطاط ثم أمر بمسك فميث في جفنة ثم دخل الحسين فاستعمل النورة ووقف عبد الرحمن بن عبد ربة وبرير بن حضير الهمداني علي باب الفسطاط وازدحما أيهما يطلي بعده فجعل يزيد يهازل عبد الرحمن فقال له والله ما هذه بساعة باطل فقال يزيد والله إن قومي لقد علموا أني ما أحببت الباطل شابا ولا كهلا ولكني مستبشر بما نحن لاقون والله ما بيننا وبين الحور العين إلا أن يميل هؤلاء بأسيافهم
فلما فرغ الحسين دخلا ثم ركب الحسين دابته ودعا بمصحف فوضعه أمامه واقتتل أصحابه بين يديه فرفع يديه ثم قال اللهم أنت ثقتي في كل كرب ورجائي في كل شدة وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقة وعدة كم من هم يضعف فيه الفؤاد وتقل فيه الحيلة ويخذل فيه الصديق ويشمت به العدو أنزلته بك وشكوته إليك رغبة إليك عمن سواك ففرجته وكشفته وكفيتنيه فأنت ولي كل نعمة وصاحب كل حسنة ومنتهى كل رغبة
فلما رأي أصحاب عمر النار تلتهب في القصب نادي شمر الحسين تعجلت النار في الدنيا قبل القيامة
فعرفه الحسين فقال أنت أولي بها صليا ثم ركب الحسين راحلته وتقدم إلي الناس ونادي بصوت عال يسمعه كل الناس فقال أيها الناس اسمعوا قولي ولا تعجلوني حتى أعظكم بما يجب لكم علي وحتي اعتذر إليكم من مقدمي عليكم فإن قبلتم عذري وصدقتم قولي وأنصفتموني كنتم بذلك أسعد ولم يكن لكم علي سبيل وأن لم تقبلوا مني العذر فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي ولا تنظرون إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين
قال فلما سمع أخواته قوله بكين وصحن وأرتفعت أصواتهن فأرسل إليهم أخاه العباس وابنه عليا ليسكتاهن وقال لعمري ليكثرن بكاؤهن فلما ذهبا قال لا يبعد ابن عباس وإنما قالها حين سمع بكاءهن لأنه كان نهاه أن يخرج بهن معه

الصفحة 418