كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 3)

@ 453 @
جمع أهل إفريقية وقصد إفريقية وبها أصحاب الأنفال والذراري من المسلمين فطلبوا الأمان من كسيلة فأمنهم ودخل القيروان واستولي علي إفريقية وأقام بها إلي أن قوي أمر عبد الملك بن مروان فاستعمل علي إفريقية زهير بن قيس البلوي وكان مقيما ببرقة مرابطا
$ ذكر ولاية زهير بن قيس إفريقية وقتله وقتل كسيلة $
لما ولي عبد الملك بن مروان ذكر عنده من بالقيروان من المسلمين وأشار عليه أصحابه بإنفاذ الجيوش إلي أفريقية لاستنقاذهم فكتب إلي زهير بن قيس البلوى بولاية إفريقية وجهز له جيشا كثيرا فسار سنة تسع وستين إلي أفريقية فبلغ خبره إلي كسيلة فاحتفل وجمع وحشد البربر والروم وأحضر أشراف أصحابه وقال قد رأيت أن أرحل إلي ممش فأنزلها فإن بالقيروان خلقا كثيرا من المسلمين ولهم علينا عهد فلا نغدر بهم ونخاف إن قاتلنا زهيرا أن يثب هؤلاء من وراءنا فإذا نزلنا ممش أمناهم وقاتلنا زهيرا فإن ظفرنا بهم تبعناهم إلي طرابلس وقطعنا أثرهم من إفريقية وإن ظفروا بنا تعلقوا بالجبال ونجونا فأجابوه إلي ذلك ورحل إلي ممش وبلغ ذلك زهيرا فلم يدخل القيروان بل أقام ظاهرها ثلاثة أيام حتى أراح واستراح ورحل في طلب كسيلة فلما قاربه نزل وعبي أصحابه وركب إليه فالتقي العسكران واشتد القتال وكثر القتل في الفريقين حتى أيس الناس من الحياة فلم يزالوا كذلك أكثر النهار ثم نصر الله المسلمين وانهزم كسيلة وأصحابه وقتل هو وجماعة من أعيان أصحابه بممش وتبع المسلمون البربر والروم فقتلوا من أدركوا منهم فأكثروا وفي هذه الوقعة ذهب رجال البربر والروم وملوكهم وأشرافهم وعاد زهير إلي القيروان
ثم إن زهيرا رأي بإفريقية ملكا عظيما فأبي أن يقيم وقال إنما قدمت للجهاد فأخاف أن أميل إلي الدنيا فأهلك وكان عابدا زاهدا فترك بالقيروان عسكرا وهم آمنون لخلو البلاد من عدو أو ذي شوكة ورحل في جمع كثير إلي مصر وكان قد بلغ الروم بالقسطنطينية مسير زهير من برقة إلي إفريقية لقتال كسيلة فاغتنموا خلوها فخرجوا إليها في مراكب كثيرة وقوة قوية من جزيرة صقلية وأغاروا علي برقة فأصابوا منها سبيا كثيرا وقتلوا ونهبوا ووافق ذلك قدوم زهير من إفريقية إلي برقة فأخبر الخبر فأمر العسكر بالسرعة والجد في قتالهم ورحل هو ومن معه وكان الروم خلقا كثيرا فلما رآه المسلمون استغاثوا به فلم يمكنه الرجوع وباشر القتال واشتد الأمر وعظم الخطب وتكاثر

الصفحة 453