كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 3)

@ 459 @
يقاتلكم به وإني قد ظننت أن لا يلبثوا إلا ساعة حتى يفصل الله بينكم وبينهم إما لكم وأما عليكم أما إنكم أهل النصرة ودار الهجرة وما أظن ربكم أصبح عن أهل بلد من بلدان المسلمين بأرضي منه عنكم ولا علي أهل بلد من بلدان العرب بأسخط منه علي هؤلاء الذين يقاتلونكم وإن لكل امرئ منكم ميتة وهو ميت بها لا محالة ووالله ما ميتة أفضل من ميتة الشهادة وقد ساقها الله إليكم فاغتنموها ثم دنا بعضهم من بعض فأخذ أهل الشام يرمونهم بالنبل فقال ابن الغسيل لأصحابه عليهم تستهدفون لهم من أراد التعجيل إلي الجنة فليلزم هذه الراية فقام إليه كل مستميت فنهض بعضهم إلي بعض فاقتتلوا أشد قتال رؤى لأهل هذا القتال وأخذ ابن الغسيل يقدم بنيه واحدا واحدا حتى قتلوا بين يديه وهو يضرب ويقول
( بعدا لمن رام الفساد وطغي ... وجانب الحق وآيات الهدي )
( لا يبعد الرحمن إلا مع عصي )
ثم قتل وقتل معه أخوه لأمه محمد بن ثابت بن قيس بن شماس فقال ما أحب أن الديلم قتلوني مكان هؤلاء القوم وقتل معه عبد الله بن زيد بن عاصم ومحمد بن عمرو بن حزم الأنصاري فمر به مروان بن الحكم فقال رحمك الله رب السارية قد رأيتك تطيل القيام في الصلاة إلي جنبها وانهزم الناس وكان فيمن انهزم محمد بن سعد بن أبي وقاص بعدما أبلي وأباح مسلم المدينة ثلاثا يقتلون الناس ويأخذون المتاع والأموال فأفزع ذلك من بها من الصحابة
فخرج أبو سعيد الخدري حتى دخل في كهف الجبل فتبعه رجل من أهل الشام فاقتحم عليه الغار فانتضي أبو سعيد سيفه يخوفه به الشامي فلم ينصرف عنه فعاد أبو سعيد وأغمد سيفه وقال { لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك } فقال من أنت قال أنا أبو سعيد الخدري قال صاحب رسول الله قال نعم فتركه ومضي
وقيل إن مسلما لما نزل بأهل المدينة خرج إليه أهلها بجموع كثيرة وهيئة حسنة فهابهم أهل الشام وكرهوا أن يقاتلوهم فلما رآهم مسلم وكان شديد الوجع

الصفحة 459