كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 3)

@ 468 @
هو وأصحابه نحو المدينة وندم ابن الزبير علي ما صنع فأرسل إليه أما المسير الي الشام فلا أفعله ولكن بايعوا لي هناك فإني مؤمنكم وعادل فيكم فقال الحصين إن لم تقدم بنفسك لا يتم الأمر فإن هناك ناسا من بني أمية يطلبون هذا الأمر
ثم سار الحصين إلي المدينة فاجترأ أهل المدينة علي أهل الشام فكان لا ينفرد منهم أحد إلا أخذت دابته فلم يتفرقوا وخرج معهم بنو أمية من المدينة إلي الشام ولو خرج معهم ابن الزبير لم يختلف عليه أحد فوصل أهل الشام دمشق وقد بويع معاوية بن يزيد فلم يمكث إلا ثلاثة أشهر حتى هلك وقيل بل ملك أربعين يوما ومات وعمره احدى وعشرون سنة وثمانية عشر يوما ولما كان في آخر امارته أمر فنودي الصلاة جامعة فاجتمع الناس فحمد الله وأثني عليه ثم قال أما بعد فإني ضعفت عن أمركم فابتغيت لكم مثل عمر بن الخطاب حين استخلفه أبو بكر فلم أجده فابتغيت ستة مثل ستة الشورى فلم أجدهم فأنتم أولي بأمركم فاختاروا له من أحببتم ثم دخل منزله وتغيب حتى مات وقيل إنه مات مسموما وصلي عليه الوليد بن عتبة بن أبي سفيان ثم أصابه الطاعون من يومه فمات أيضا وقيل لم يمت وكان معاوية أوصي أن يصلي الضحاك بن قيس بالناس حتى يقوم لهم خليفة وقيل لمعاوية لو استخلفت فقال لا أتزود مرارتها واترك لبني أمية حلاوتها
$ ذكر حال ابن زياد بعد موت يزيد $
لما مات يزيد وأتي الخبر عبيد الله بن زياد مع مولاه حمران وكان رسوله إلي معاوية بن أبي سفيان ثم إلي يزيد بعده فلما أتاه الخبر أسره إليه وأخبره باختلاف الناس في الشام فأمر فنودي الصلاة جامعة فاجتمع الناس وصعد المنبر فنعي يزيد وثلبه فقال الأحنف انه قد كانت ليزيد في أعناقنا بيعة ويقال في المثل أعرض عن ذي فترة فأعرض عنه عبيد الله وقال يا أهل البصرة إن مهاجرنا إليكم ودارنا فيكم ومولدي فيكم ولقد وليتكم وما يحصي ديوان مقاتليكم إلا سبعين ألفا ولقد أحصي اليوم مائة ألف وما كان يحصي ديوان عمالكم إلا تسعين ألفا ولقد أحصي اليوم مائة وأربعين ألفا وما تركت لكم قاطبة من أخافه عليكم إلا وهو في سجنكم وإن يزيد قد توفي وقد اختلف الناس بالشام وأنتم اليوم أكثر الناس عددا وأعرضهم فناء وأغني عن الناس وأوسعهم بلادا فاختاروا لأنفسكم رجلا ترضونه لدينكم وجماعتكم فانا أول راض من رضيتموه فإن اجتمع أهل الشام علي رجل ترضونه لدينكم وجماعتكم دخلتم فيما دخل فيه

الصفحة 468