كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 3)

@ 469 @
المسلمون وإن كرهتم ذلك كنتم علي أحد يليكم حتى تقضوا حاجتكم فما بكم إلي أحد من أهل البلدان حاجة ولا يستغني الناس عنكم فقام خطباء أهل البصرة وقالوا قد سمعنا مقالتك وما نعلم أحدا أقوي عليها منك فهلم فلنبايعك فقال لا حاجة لي في ذلك فكرروا عليه فأبي عليهم ثلاثا ثم بسط يده فبايعوه ثم انصرفوا ومسحوا أيديهم بالحيطان وقالوا أيظن ابن مرجانة اننا ننقاد له في الجماعة والفرقة
فلما بايعوه أرسل إلي أهل الكوفة مع عمرو بن مسمع وسعد بن القرحاء التميمي يعلمهم ما صنع أهل البصرة ويدعوهم إلي البيعة له فلما وصلا إلي الكوفة وكان خليفته عليها عمرو بن حريث جمع الناس وقام الرسولان فخطبا أهل الكوفة وذكرا لهم ذلك فقال يزيد بن الحرث بن يزيد الشيباني وهو ابن رويم فقال الحمد لله الذي أراحنا من ابن سمية أنحن نبايعه لا ولا كرامة وحصبهما أول الناس ثم حصبهما الناس بعده فشرفت تلك الفعلة يزيد بن رويم في الكوفة ورفعته ورجع الرسولان إلي البصرة فأعلماه الحال فقال أهل البصرة أيخلعه أهل الكوفة ونوليه نحن فضعف سلطانه عندهم فكان يأمر بالأمر فلا يقضي ويري الرأي فيرد عليه ويأمر بحبس المخطئ فيحال بين أعوانه وبينه ثم جاء إلي البصرة سلمة بن ذؤيب الحنظلي التميمي فوقف في السوق وبيده لواء وقال أيها الناس هلموا إلي إني أدعوكم إلي ما لم يدعكم إليه أحد أدعوكم إلي العائذ بالحرم يعني عبد الله بن الزبير فاجتمع إليه ناس وجعلوا يصفقون علي يديه يبايعونه فبلغ الخبر ابن زياد فجمع الناس فخطبهم وذكر لهم أمره معهم وأنه دعاهم إلي من يرتضونه فبايعه منهم أهل البصرة وأنهم أبوا غيره وقال إني بلغني أنكم مسحتم أكفكم بالحيطان وباب الدار وقلتم ما قلتم وإني آمر بالأمر فلا ينفذ ويرد علي رأيي ويحال بين أعواني وبين طلبتي ثم إن هذا سلمة بن ذؤيب يدعو إلي الخلاف عليكم ليفرق جماعتكم ويضرب بعضكم رقاب بعض بالسيف فقال الأحنف والناس نحن نأتيك بسلمة فأتوه بسلمة فإذا جمعه قد كثف والفتق قد اتسع فلما رأوا ذلك قعدوا عن ابن زياد فلم يأتوه فدعا عبيد الله رؤساء محاربة السلطان وأرادهم ليقاتلوا معه قالوا إن أمرنا قوادنا فعلنا فقال له إخوته ما لنا خليفة فنقاتل عنه فإن هزمت رجعت إليه فأمدك ولعل الحرب تكون عليك وقد اتخذنا

الصفحة 469