كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 3)

@ 5 @
فلما علم عثمان من الوليد شرب الخمر عزله وولي سعيد بن العاص بن أمية وكان سعيد قد ربي في جحر عثمان فلما فتح الشام قدمه فأقام مع معاوية فذكر عمر يوما قريشا فسأله عنه فأخبر أنه بالشام فاستقدمه فقدم عليه فقال له قد بلغني عنك بلاء وصلاح فازدد يزدك الله خيرا وقال له هل لك من زوجة قال لا وجاء عمر بنات سفيان بن عويف ومعهن أمهن فقالت أمهن هلك رجالنا وإذا هلك الرجال ضاع النساء فضعن في أكفائهن فزوج سعيد أحداهن وزوج عبد الرحمن بن عوف الأخري والوليد بن عقبة الثالثة وأتاه بنات مسعود بن نعيم النهشلي فقلن له قد هلك رجالنا وبقي الصبيان فضعنا في أكفائنا فزوج سعيدا إحداهن وجبير بن مطعم الأخري فشارك سعيد هؤلاء وهؤلاء وكان عمومته ذوي بلاء في الإسلام وسابقة فلم يمت عمر حتى كان سعيد من رجال قريش فلما استعمله عثمان سار حتى أتي الكوفة أميرا ورجع معه الأشتر وأبو خشة الغفاري وجندب بن عبد الله وجثامة بن صعب بن جثامة وكانوا ممن شخص مع الوليد يعينونه فصاروا عليه فقال بعض شعراء الكوفة
( فررت من الوليد إلي سعيد ... كاهل الحجر إذ جزعوا فباروا )
( يلينا من قريش كل عام ... أمير محدث أو مستشار )
( لنا نار نخوفها فنخشى ... وليس لهم فلا يخشون نار )
فلما وصل سعيد الكوفة صعد المنبر فحمد الله وأثني عليه ثم قال والله لقد بعثت إليكم وأني لكاره ولكني لم أجد بدا إذا أمرت أن أتمر إلا أن الفتنة قد أطلعت خطمها وعينيها ووالله لأضربن وجهها حتى أقمعها وتعييني وإني لرائد نفسي اليوم ثم نزل وسأل عن أهل الكوفة فعرف حال أهلها فكتب إلي عثمان أن أهل الكوفة قد اضطرب أمرهم وغلب أهل الشرف منهم والبيوتات والسابقة والغالب علي تلك البلاد روادف قدمت وأعراب لحقت حتى لا ينظر إلي ذي شرف وبلاء من نابتتها ولا نازلتها
فكتب إليه عثمان أما بعد ففضل أهل السابقة والقدمة ومن فتح الله عليه تلك البلاد وليكن من نزلها من غيرهم تبعا لهم إلا أن يكونوا تثاقلوا عن الحق وتركوا القيام به وقام به هؤلاء واحفظ لكل منزلته وأعطهم جميعا بقسطهم من الحق فإن المعرفة

الصفحة 5