كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 3)

@ 56 @
فلما نزل عثمان وجد مروان وسعيدا ونفرا من بني أمية في منزله لم يكونوا شهدوا خطبته فلما جلس قال مروان يا أمير المؤمنين أتكلم أم أسكت فقالت نائلة بنت الفرافضة امرأة عثمان لا بل أصمت فإنهم والله قاتلوه ومؤثموه إنه قد قال مقالة لا ينبغي له أن ينزع عنها فقال لها مروان ما أمن وذاك فوالله قد مات أبوك وما يحسن يتوضأ فقالت مهلا يا مروان عن ذكر الآباء تخبر عن أبي وهو غائب تكذب عليه وإن أباك لا يستطيع أن يدفع عن نفسه أما والله لولا أنه عمه وأنه يناله غمه لأخبرتك عنه ما لن أكذب عليه قالت فأعرض عنها مروان فقال يا أمير المؤمنين أتكلم أم أسكت قال تكلم فقال مروان بأبي أنت وأمي والله لوددت أن مقالتك هذه كانت وأنت ممتنع فكنت أول من رضى بها وأعان عليها ولكنك قلت ما قلت وقد بلغ الحزام الطبيين وبلغ السيل الزبي وحين أعطي الخطة الذليلة الذليل والله لإقامة علي خطيئة ويستغفر منها أجمل من توبة يخوف عليها وأنت إن شئت تقربت بالتوبة ولم تقرر بالخطيئة وقد اجتمع بالباب أمثال الجبال من الناس فقال عثمان فاخرج إليهم فكلمهم فإني أستحي أن أكلمهم فخرج مروان إلي الباب والناس يركب بعضهم بعضا فقال ما شأنكم قد اجتمعتم كأنكم قد جئتم لنهب شاهت الوجوه إلي من أريد جئتم تريدون أن تنزعوا ملكنا من أيدينا أخرجوا عنا والله لئن رمتمونا ليمون عليكم منا أمر لا يسركم ولا تحمدوا غب رأيكم ارجعوا إلي منازلكم فإنا والله ما نحن بمغلوبين علي ما في أيدينا
فرجع الناس وأتي بعضهم عليا فأخبره الخبر فأقبل علي علي عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث فقال أحضرت خطبة عثمان قال نعم قال أفحضرت مقالة مروان للناس قال نعم فقال علي أي عباد الله يا للمسلمين إني إن قعدت في بيتي قال لي تركتني وقرابتي وحقي وإني إن تكلمت فجاء ما يريد يلعب به مروان فصار سيقة له يسوقه حيث يشاء بعد كبر السن وصحبة رسول الله وقام مغضبا حتى دخل علي عثمان فقال له أما رضيت من مروان ولا رضي منك إلا بتحرفك عن دينك

الصفحة 56