كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 3)

@ 61 @
منه قبلنا ولكنا رأيناك تتوب ثم تعود ولسنا منصرفين حتى نخلعك أو نقتلك أو تلحق أرواحنا بالله تعالي وإن منعك أصحابك وأهلك قاتلناهم حتى نخلص إليك فقال أما أن أتبرأ من خلافة الله فالقتل أحب إلي من ذلك وأما قولكم تقاتلون من منعني فإني لا آمر أحدا بقتالكم فمن قاتلكم فبغير أمري قاتل ولو أردت قتالكم لكتبت إلي الأجناد فقدموا علي أو لحقت بعض أطرافي
وكثرت الأصوات واللغط فقام علي فخرج وأخرج المصريين ومضي علي إلي منزله وحصر المصريون عثمان وكتب إلي معاوية وابن عامر وأمراء الأجناد يستنجدهم ويأمرهم بالعجل وإرسال الجنود إليه فتربص به معاوية فقام في أهل الشام يزيد بن أسد القسري جد خالد بن عبد الله القسري فتبعه خلق كثير فسار بهم إلي عثمان فلما كانوا بوادي القري بلغهم قتل عثمان فرجعوا
وقيل بل سار من الشام حبيب بن مسلمة الفهري وسار من البصرة مجاشع بن مسعود السلمي فلما وصلوا الربذة ونزلت مقدمتهم صرارا بناحية المدينة أتاهم قتل عثمان فرجعوا وكان عثمان قد استشار نصحاءه في أمره فأشاروا عليه أن يرسل إلي علي يطلب إليه أن يردهم ويعطيهم ما يرضيهم ليطاولهم حتى يأتيه إمداده فقال إنهم لا يقبلون التعلل وقد كان مني في المرة الأولي ما كان فقال مروان أعطهم ما سألوك وطاولهم ما طاولوك فإنهم قوم بغوا عليك ولا عهد لهم فدعا عليا فقال له قد تري ما كان من الناس ولست آمنهم علي دمي فارددهم عني فإني أعطيهم ما يريدون من الحق من نفسي وغيري فقال علي الناس إلي عدلك أحوج منهم إلي قتلك ولا يرضون إلا بالرضا وقد كنت أعطيتهم أولا عهدا فلم تف به فلا تعوزني هذه المرة فإني معطيهم عليك الحق فقال أعطهم فوالله لأفين لهم
فخرج علي إلي الناس فقال لهم إنما طلبتم الحق وقد أعطيتموه وقد زعم أنه منصفكم من نفسه فقال الناس قبلنا فاستوثق منه لنا فإنا لا نرضي بقول دون فعل فدخل عليه علي فأعلمه فقال اضرب بيني وبينهم أجلا فإني لا أقدر علي أن أرد ما كرهوا في يوم واحد فقال علي أما ما كان بالمدينة فلا أجل فيه وما غاب فأجله وصول أمرك قال نعم فإجلني فيما في المدينة ثلاثة أيام فأجابه إلي ذلك وكتب بينهم كتابا علي رد كل مظلمة وعزل كل عامل كرهوه فكف الناس عنه فجعل يتأهب

الصفحة 61