كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 3)

@ 8 @
ودهستان وصالح أهل جرجان علي صلح سعيد
$ ذكر غزو حذيفة الباب وأمر المصاحف $
وفيها صرف حذيفة عن غزو الري إلي غزو الباب مددا لعبد الرحمن بن ربيعة وخرج معه سعيد بن العاص فبلغ معه أذربيجان وكانوا يجعلون الناس ردا فأقام حتى عاد حذيفة ثم رجعا فلما عاد حذيفة قال لسعيد بن العاص لقد رأيت في سفرتي هذه أمرا لئن ترك الناس ليختلفن في القرآن ثم لا يقومون عليه أبدا قال وما ذاك قال رأيت أناسا من أهل حمص يزعمون أن قراءتهم خيرا من قراءة غيرهم وأنهم أخذوا القرآن عن المقداد ورأيت أهل دمشق يقولون إن قراءتهم خير من قراءة غيرهم ورأيت أهل الكوفة يقولون مثل ذلك وأنهم قرأوا علي ابن مسعود وأهل البصرة يقولون مثل ذلك وأنهم قرأوا علي أبي موسى ويسمون مصحفه لباب القلوب
فلما وصلوا إلي الكوفة أخبر حذيفة الناس بذلك وحذرهم ما يخاف فرافقه أصحاب رسول الله وكثير من التابعين وقال له أصحاب ابن مسعود ما تنكر ألسنا نقرأه علي قراءة ابن مسعود فغضب حذيفة ومن وافقه وقالوا إنما أنتم أعراب فاسكتوا فإنكم علي خطأ وقال حذيفة والله لئن عشت لآتين أمير المؤمنين ولأشيرن عليه أن يحول بين الناس وبين ذلك فأغلظ له ابن مسعود فغضب سعي وقام وتفرق الناس وغضب حذيفة وسار إلي عثمان فأخبره بالذي رأى وقال أنا النذير العريان فأدركوا الأمة
فجمع عثمان الصحابة وأخبرهم الخبر فأعظموه ورأوا جميعا ما رأي حذيفة فأرسل عثمان إلي حفصة بنت عمر أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها وكانت هذه الصحف هي التي كتبت في أيام أبي بكر فإن القتل لما كثر في الصحابة يوم اليمامة قال عمر لأبي بكر إن القتل قد كثر واستحر بقراء القرآن يوم اليمامة وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء فيذهب من القرآن كثير وإني أري أن تأمر بجمع القرآن
فأمر أبو بكر زيد بن ثابت فجمعه من الرقاع والعسب وصدور الرجال فكانت الصحف عند أبي بكر ثم عند عمر فلما توفي عمر أخذتها حفصة فكانت عندها

الصفحة 8