كتاب الكامل في التاريخ - العلمية (اسم الجزء: 3)

@ 9 @
فأرسل عثمان إليها أخذها منها وأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف وقال عثمان إذا اختلفتم فاكتبوها بلسان قريش فإنما نزل بلسانهم
ففعلوا فلما نسخوا الصحف ردها عثمان إلي حفصة وأرسل إلي كل أفق بمصحف وحرق ما سوي ذلك وأمر أن يعتمدوا عليها ويدعوا ما سوي ذلك فكل الناس عرف فضل هذا الفعل إلا ما كان من أهل الكوفة فإن المصحف لما قدم عليهم فرح به أصحاب النبي وإن أصحاب عبد الله ومن وافقهم امتنعوا من ذلك وعابوا الناس فقام فيهم ابن مسعود وقال ولا كل ذلك فإنكم والله قد سبقتم سبقا بينا فأربعوا علي ظلعكم ولما قدم علي الكوفة قام إليه رجل فعاب عثمان يجمع الناس علي المصحف فصاح وقال أسكت فعن ملأ منا فعل ذلك فلو وليت منه ما ولي عثمان لسلكت سبيله
$ ذكر سقوط خاتم النبي في بئر أريس $
وفيها وقع خاتم النبي من يد عثمان في بئر أريس وهي علي ميلين من المدينة وكانت قليلة الماء فما أدرك قعرها بعد وكان رسول الله اتخذه لما أراد أن يكاتب الأعاجم يدعوهم إلي الله تعالي فقيل له إنهم لا يقبلون كتابا إلا مختوما فأمر رسول الله أن يعمل له خاتم من حديد فلما عمل جعله في إصبعه فأتاه جبريل فنهاه عنه فنبذه وأمر فعمل له خاتم من نحاس وجعله في إصبعه فقال له جبريل أنبذه فنبذه وأمر رسول الله بخاتم من فضة فصنع له فجعله في إصبعه فأمره جبريل أن يقره فأقره وكان نقشه ثلاثة أسطر محمد سطر ورسول سطر والله سطر فتختم به رسول الله حتى توفي ثم تختم به أبو بكر حتى توفي ثم عمر حتى توفي ثم تختم به عثمان ست سنين فحفروا بئرا بالمدينة شرابا للمسلمين فقعد علي رأس البئر فجعل يعبث بالخاتم ويديره بإصبعه فسقط من يده في البئر فطلبوه فيها ونزحوا ما فيها من الماء فلم يقدروا عليه فجعل فيه مالا عظيما لمن جاء به واغتم لذلك غما شديدا فلما يئس منه صنع خاتما آخر علي مثاله ونقشه فبقي في إصبعه حتى هلك فلما قتل ذهب الخاتم فلم يدر من أخذه

الصفحة 9