كتاب مشارق الأنوار الوهاجة ومطالع الأسرار البهاجة في شرح سنن الإمام ابن ماجه (اسم الجزء: 3)

المضيء كالدّرّ، أو الدافع بنوره ظلمة ما حوله. قاله القاري (¬1).
(وَإِنَّ أبا بكْرٍ وَعُمَرَ مِنْهُمْ) أي من الذين يراهم الأسفلون كما يرون الكوكب الطالع في الأفق (وَأَنْعَما) أي زادا على تلك المرتبة والمنزلة. وقال ابن الأثير رحمه الله: أي زادا وفضلا، يقال: أحسنت إليّ، وأنعمتَ: أي زدتَ عليّ الإنعام. وقيل: صارا إلى النعيم، ودخلا فيه، كما يقال: أشمل: إذا دخل في الشمال، ومعنى قولهم: أنعمتُ على فلان: أي أصرت إليه نعمةً. انتهى (¬2). وقال القاري: هو عطف على المقدّر في "منهم": أي استقرّا منهم، وأَنْعَمَا. انتهى (¬3).
وقال السيوطيّ في "حاشية الترمذيّ": في "تاريخ ابن عساكر" في آخر الحديث: "فقلت لأبي سعيد: وما أنعما؟ قال: هما أهل لذلك". وفي رواية أخرى: "وحقّ لهما ذلك". ومثله عن سفيان بن عيينة. انتهى (¬4)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث أبي سعيد الخدريّ -رضي الله عنه- هذا صحيح.
[فإن قلت]: كيف يصحّ، وفي سنده عطيّة الْعَوْفيّ، وهو ضعيف؟.
[قلت]: الحديث له طرق، فقد أخرجه الإمام أحمد في "مسنده" 3/ 26 و 61 من طريق مُجالد، عن أبي الودّاك جَبْر بن نَوْف، ومجالد ضعيف، وقد أخرج له مسلم مقرونًا بغيره، فهو صالح للمتابعات، ويشهد للحديث ما أخرجه الشيخان من طريق عطاء بن
¬__________
(¬1) "المرقاة شرح المشكاة" 10/ 421.
(¬2) "النهاية" 5/ 83.
(¬3) "المرقاة" 10/ 421.
(¬4) راجع "شرح السنديّ" 1/ 73.

الصفحة 60