كتاب مناهج التحصيل ونتائج لطائف التأويل في شرح المدونة وحل مشكلاتها (اسم الجزء: 3)

وهو ظاهر قول مالك في "كتاب الزكاة الأول"، و"كتاب الجهاد" من "المدونة".
والأقوال [الثلاثة] (¬1) كلها قائمة من "المدونة" لا تخفى على من دقق النظر فيها.
وسبب الخلاف: تعارض آية الأنفال لظاهر آية الحشر؛ وذلك أن الله تعالى قال في آية الأنفال {وَاعْلَمُوا أنما غَنِمْتُم من شَيْء فَأَن لِلَّهِ خُمُسَهُ} (¬2). وهذا العموم يقتضي قسمة كل ما ينطلق عليه اسم شيء مما غنم.
وقال في آية الحشر: {مَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِن أَهْلِ القُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} (¬3) إلى قوله: {وَالَّذِينَ جَاءُوا} (¬4).
فظاهر هذه الآية يقتضي الوقف دون القسمة. فاختلف العلماء هل وقع بين الآيتين نسخ أم لا؟ على ما هو مشهور في مسائل الخلاف.
والصحيح -والله أعلم- أن ليس [بين الآيتين] (¬5) نسخ ولا تعارض؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قسم النضير بين المهاجرين وثلاثة من الأنصار منهم أبو دجانة، والحارث بن الصمت, وسهل بن حنيف، وقسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لجميع المهاجرين لحاجتهم [ومسكنهم] (¬6) وخروجهم من ديارهم وتركهم لأموالهم، ولتخف مؤونتهم عن الأنصار.
ولم يقسم للأنصار فيها شيئًا إلا الثلاثة المذكورين لحاجتهم ومسكنتهم.
¬__________
(¬1) سقط من أ.
(¬2) سورة الأنفال الآية (41).
(¬3) سورة الحشر الآية (6).
(¬4) سورة الحشر الآية (10).
(¬5) سقط من أ.
(¬6) سقط من أ.

الصفحة 33