كتاب وا محمداه إن شانئك هو الأبتر (اسم الجزء: 3)

ذلك رغبةُ القائمين على هذا المشروع العلماني في القضاءِ على كلِّ القِيَم الثابتةِ في المجتمعات، وتحويل فكرةِ القِيَم إلى موضوع نسبي متغيِّر تبعًا للزمان والمكان وأمزجةِ الشعوب.
يقتضي تحقيقُ هذه الفكرةِ القضاءَ على وَلَعِ الشعوبِ وتقديرِها للمقدَّس، بصرفِ النظر عن قيمةِ ذلك المقدَّس في حياتها، أو مدى اعتزازِها به، من أجل ذلك ظَهرت حملة منظمة في الغربِ طوالَ الأعوام الماضيةِ للنَيل من كلِّ الأنبياءِ والصالحين، وليس نبي الإسلام وحده.
فقد ظَهر في الإِعلام الغربي مؤخَّرًا العديدُ من الأفلام التي تهاجمُ المسيحَ عليه السلام، وكذلك نبى الله موسى، وكل ذلك يَندرجُ -في ظننا- ضمنَ مشروع علمانيٍّ يهدفُ إلى تشويهِ صُورِ كلِّ رموزِ القِيَم الأخلاقيةِ غيرِ المتغيرة في العالم، ولعل ذلك يُفسِّرَ أيضًا سببَ تكرارِ الهجوم على نبيِّ الإسلام من أنصارِ التياراتِ المتحررةِ والليبراليةِ في الغرب.

* فَشَل تحجيم التأثير السياسي والدولي للإِسلام:
إن التياراتِ العلمانيةَ واللادينيةَ التي تَحكُمُ الكثيرَ من دول أوروبا -ولها تأثيرٌ قوىٌ على السياسة الأمريكية أيضًا- لا تكترثُ كثيرًا لمسألةِ انتشارِ الاسلام عدديًّا أو جغرافيًّا أو عقديًّا في مواجهةِ المسيحيةِ، أو أيِّ ديانةٍ أخرى، كثيرٌ من هؤلاء القادةِ السياسيين والإعلاميين والفكريين ممن ينتمون إلى التيار اللاديني أو العلماني لا يهتمُّون لموضوع الدين من ناحيةِ علاقة الإنسانِ بخالقه، أو بمَعبَدِه أو كنيستِه أو مسجده، ما شغلُهم بالتأكيد هو آثارُ التدينِ على مسيرةِ العالَم الاقتصاديةِ والليبراليةِ والحضاريةِ بمفهومهم هم

الصفحة 611