"أرناط"، وناوَلَ المَلِكَ شَرْبةً من حُلابٍ مُبَرَّد بثلج، فشَرِب منها، وكان على أشدِّ حالٍ من العَطَش، ثم ناول بعضَها البرنس، فقال السلطانُ للتَّرجُمان: قُلْ للمَلِك: أنتَ الذي سَقَيْتَه وإلاَّ أنا ما سَقَيتُه، وكان على جميل عادةِ العرب وكريم أخلاقِهم أن الأسيرَ إذا أَكَل أو شَرِب من مالِ مَن أسَرَه أَمِن، فقَصَد السلطانُ بذلك الجرْيَ على مكارم الأخلاق.
وأُقعِد المَلِكُ في الدِّهليز، واستُحضر البرنس، ووافقه على ما قال، ثم قال له:" ها أنا أنتصرُ لمحمد - صلى الله عليه وسلم - " (¬1)، ثم عَرَض عليه الإسلامِ، فلم يَفْعل، فقام إليه وسَلَّ المِجنَّاةَ وضربه بها، فَحَلَّ كَتِفه، وتمم عليه مَن حضَر، ثم رُمي على باب الخيمة" (¬2).
° والقائل:
ألمْ تَرَ للسلطانِ صُدِّق نَذْرُهُ ... دَم الغادرِ الإبرنسِ فاقتيد أربَدَا
¬__________
(¬1) وفي "البداية والنهاية": "نعم أنا أنوب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الانتصار لأمته".
(¬2) "عيون الروضتين" (3/ 313).
(¬3) المصدر السابق (3/ 406).