كتاب الحلل الإبريزية من التعليقات البازية على صحيح البخاري (اسم الجزء: 3)

شيئًا حتى أفارق الدنيا، فكان أبو بكر يدعو حكيمًا ليعطيه العطاء فيأبى أن يقبل منه شيئًا، ثم إن عمر دعاه ليعطيه فأبى أن يقبل منه، فقال: يا معشر المسلمين، إني أعرض عليه حقه الذي قسم الله له من هذا الفيء فيأبى أن يأخذه. فلم يرزأ حكيم أحدًا من الناس شيئًا بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى توفي».
3144 - عن أيوب عن نافع «أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: يا رسول الله إنه كان علي اعتكاف يوم في الجاهلية، فأمره أن يفي به. قال: وأصاب عمر جاريتين من سبي فوضعهما في بيوت مكة، قال فمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على سبي حنين، فجعلوا يسعون في السكك، فقال عمر: يا عبد الله انظر ما هذا؟ قال: من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على السبي. قال: اذهب فأرسل الجاريتين. قال نافع: ولم يعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الجعرانة (¬1)، ولو اعتمر لم يخف على عبد الله».
3145 - عن عمرو بن تغلب - رضي الله عنه - قال: «أعطى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قومًا ومنع آخرين، فكأنهم عتبوا عليه فقال: إني أعطى قومًا أخاف ظلعهم وجزعهم (¬2)، وأكل أقوامًا إلى ما جعل الله في قلوبهم من الخير والغنى، منهم عمرو بن تغلب. فقال عمرو بن تغلب: ما أحب أن تكون لي بكلمة، رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حمر النعم».
¬_________
(¬1) ولهذا صح في الحديث «قد أفلح من أمن ورزق كفافًا وقنعه الله بما آتااه» [رواه مسلم].

خفي هذا على ابن عمر.
(¬2) فيه أن ولي الأمر يعطي من يرى إعطاؤه ويترك من يترك للمصلحة ولتأليف القلوب، وهذا من جنس سهم المؤلفة قلوبهم.

الصفحة 18