كتاب الحلل الإبريزية من التعليقات البازية على صحيح البخاري (اسم الجزء: 3)

أريته دعاني يومئذ إلا ليريهم مني، فقال: ما تقولون في {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا} [النصر: 1، 2]؟ حتى ختم السورة. فقال بعضهم: أُمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا. وقال بعضهم، لا ندري، أو لم يقل بعضهم شيئًا. فقال لي: يا ابن عباس أكذاك تقول؟ قلت: لا. قال: فما تقول؟ قلت: هو أجَل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلمه الله له إذا جاء نصر الله، والفتح فتح مكة فذاك علامة أجلك، فسبَّح بحمد ربك واستغفره، إنه كان توابًا. قال عمر: ما أعلم منها إلا ما تعلم» (¬1).
4295 - «عن أبي شريح العدوي أنه قال لعمرو بن سعيد وهو يبعث البعوث إلى مكة: ائذن لي أيها الأمير أحدثك قولًا قام به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الغد من يوم الفتح، سمعته أُذناي ووعاه قلبي وأبصرته عيناي حين تكلم به: إنه حمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن مكة حرَّمها الله ولم يحرِّمها الناس. لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دمًا، ولا يعضد بها شجرًا. فإن أحد ترخص لقتال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيها فقولوا له: إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم، وإنما أذن له فيه ساعة من نهار، وقد عادت حُرمتها اليوم كحرمتها بالأمس، وليبلغ الشاهد الغائب. فقيل لأبي شُريح: ماذا قال لك عمرو؟ قال: قال أنا أعلم بذلك منك يا أبا شُريح، إن الحرَمَ لا يُعيذ عاصيًا، ولا فارًا بدم، ولا فارًا بخربة» (¬2).
¬_________
(¬1) السورة تدل على هذا وهذا، على كثرة الذكر عند النصر والفتح، وعلى دنو أجله - صلى الله عليه وسلم -، فكلاهما صحيح.
* وهذا في وقت الحرب بين ابن الزبير ويزيد بن معاوية.
(¬2) هذا غلط من عمرو بن سعيد.

الصفحة 301