كتاب الحلل الإبريزية من التعليقات البازية على صحيح البخاري (اسم الجزء: 3)

4330 - عن عبد الله ابن زيد بن عاصم قال: «لما أفاء الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين قسم في الناس في المؤلفة (¬1) قلوبهم ولم يعط الأنصار شيئًا، فكأنهم وجدوا إذ لم يصبهم ما أصاب الناس، فخطبهم فقال: يا معشر الأنصار، ألم اجدكم ضلالًا فهداكم الله بي، وكنتم متفرِّقين فألفكم الله بي، وعالة فأغناكم الله بي؟ كلما قال شيئًا قالوا: الله ورسوله أمنُّ، قال: ما يمنعكم أن تجيبوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: كلما قال شيئًا قالوا: الله ورسوله أمنُّ، قال: لو شئتم قلتم: جئتنا كذا وكذا، ألا ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير وتذهبون بالنبي - صلى الله عليه وسلم - إلى رحالكم؟ لولا الهجرة، لكنت امرءً من الأنصار، ولو سلك الناس واديًا وشعبًا لسلكت وادي الأنصار وشعبها. الأنصار شعار، والناس دثار. إنكم ستلقون بعدي أثرة، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض» (¬2).
4331 - عن أنس ابن مالك - رضي الله عنه - قال: قال ناس من الأنصار -حين أفاء الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - ما أفاء من أموال هوازن، فطفق النبي - صلى الله عليه وسلم - يعطي رجالًا المائة من الإبل فقالوا: يغفر الله لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يعطي قريشًا ويتركنا، وسيوفنا تقطر من دمائهم، قال أنس: فحُدِّث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمقالتهم، فأرسل إلى الأنصار فجمعهم في قبة من أدم، ولم يدعُ معهم غيرهم، فلما اجتمعوا قام النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ما حديث بلغني عنكم؟ فقال: فقهاء الأنصار: أما رؤساؤنا يا رسول الله فلم يقولوا شيئًا، وأما ناس
¬_________
(¬1) من الخمس.
(¬2) وفيه أنه يشرع الإمام إذا فعل فعلًا قد يلتبس على بعض الناس أن يوضح وجهته، وهذا من السياسة الشرعية لجمع القلوب.

الصفحة 311