كتاب الحلل الإبريزية من التعليقات البازية على صحيح البخاري (اسم الجزء: 3)

5 - باب {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} الْعُرْفُ: الْمَعْرُوفُ
4642 - عن ابْنَ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما قَالَ: «قَدِمَ عُيَيْنَةُ (¬1) بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ فَنَزَلَ عَلَى ابْنِ أَخِيهِ الْحُرِّ بْنِ قَيْسٍ، وَكَانَ مِنَ النَّفَرِ الَّذِينَ يُدْنِيهِمْ عُمَرُ (¬2)، وَكَانَ الْقُرَّاءُ أَصْحَابَ مَجَالِسِ عُمَرَ وَمُشَاوَرَتِهِ كُهُولاً كَانُوا أَوْ شُبَّانًا. فَقَالَ عُيَيْنَةُ لاِبْنِ أَخِيهِ: يَا ابْنَ أَخِى لَكَ وَجْهٌ عِنْدَ هَذَا الأَمِيرِ، فَاسْتَأْذِنْ لِى عَلَيْهِ، قَالَ: سَأَسْتَأْذِنُ لَكَ عَلَيْهِ قَالَ: ابْنُ عَبَّاسٍ فَاسْتَأْذَنَ الْحُرُّ لِعُيَيْنَةَ، فَأَذِنَ لَهُ عُمَرُ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ: هِىْ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، فَوَاللَّهِ مَا تُعْطِينَا الْجَزْلَ، وَلاَ تَحْكُمُ بَيْنَنَا بِالْعَدْلِ. فَغَضِبَ عُمَرُ حَتَّى هَمَّ بِهِ، فَقَالَ لَهُ الْحُرُّ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} وَهَذَا مِنَ الْجَاهِلِينَ. وَاللَّهِ مَا جَاوَزَهَا عُمَرُ حِينَ تَلاَهَا عَلَيْهِ، وَكَانَ وَقَّافًا عِنْدَ كِتَابِ اللَّهِ».
4644 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: «أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَأْخُذَ الْعَفْوَ مِنْ أَخْلاَقِ النَّاسِ» (¬3) أَوْ كَمَا قَالَ.
¬_________
(¬1) من أمراء فزارة، والأمراء في الغالب عادتهم التعاظم وسوء الكلام إلا من رحم الله.
(¬2) هذا فيه فضل عمر ووقفه عند كتاب الله وقوله النصيحة، وفيه اتخاذ البوابين فقد يدخل من لا يرتضى وقد يدخل المجرمون فيؤذونه.
(¬3) يعني ما هو أيسر عليهم واسمح لهم ولا تشدد عليهم، والقول الثاني: اعف واصفح حيث كان العفو أنسب، وهما متقاربان.

الصفحة 372