كتاب مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى (اسم الجزء: 3)

وَنَحْوِهِ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ اسْتَعْمَلَهَا فِي نَظِيرِ إنْفَاقِهِ عَلَيْهَا أَوْ تَنَاوُبُهُ مَعَهُ؛ لَمْ يَضْمَنْ بِلَا تَفْرِيطٍ؛ لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ.
(وَيَتَّجِهُ لَوْ اسْتَعْمَلَهَا) - أَيْ: الدَّابَّةَ - (بِإِذْنِ) شَرِيكِهِ بِأَنْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَهَا (فِي مُقَابَلَةِ عَلَفِهَا؛ فَهِيَ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ) ؛ لِاشْتِرَاطِ عَلَفِهَا عَلَيْهِ، وَهُوَ مَجْهُولٌ، فَهُوَ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ إجَارَةٌ، وَهِيَ لَا تَصِحُّ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعِوَضَ يُخْرِجُهَا عَنْ مَوْضُوعِهَا، وَفِي " التَّلْخِيصِ " إذَا أَعَارَهُ عَبْدَهُ عَلَى أَنْ يُعِيرَهُ الْآخَرُ فَرَسَهُ؛ فَهِيَ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ، فَهَذَا رُجُوعٌ إلَى أَنَّهَا كِنَايَةٌ فِي عَقْدٍ آخَرَ [، وَالْفَسَادُ إمَّا أَنْ يَكُونَ لِاشْتِرَاطِ عَقْدٍ فِي عَقْدٍ آخَرَ،] وَإِمَّا لِعَدَمِ تَقْدِيرِ الْمَنْفَعَةِ، وَعَلَيْهِ خَرَّجَهُ الْحَارِثِيُّ، وَقَالَ: وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَعَرْتُكَ عَبْدِي لِتُمَوِّنَّهُ أَوْ دَابَّتِي لِتَعْلِفَهَا، فَعَلَى كُلٍّ لَا ضَمَانَ بِلَا تَعَدٍّ أَوْ تَفْرِيطٍ؛ لِأَنَّ مَا لَا ضَمَانَ فِي صَحِيحِهِ، لَا ضَمَانَ فِي فَاسِدِهِ، وَهُوَ اتِّجَاهٌ حَسَنٌ.
تَتِمَّةٌ: وَمَنْ اسْتَعَارَ شَيْئًا، ثُمَّ ظَهَرَ مُسْتَحَقًّا؛ فَلِمَالِكِهِ أَجْرُ مِثْلِهِ؛ لِعَدَمِ إذْنِهِ فِي اسْتِعْمَالِهِ.
يُطَالِبُ بِهِ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا، أَمَّا الدَّافِعُ فَلِتَعَدِّيهِ بِالدَّفْعِ، وَأَمَّا الْقَابِضُ فَلِقَبْضِهِ مَالَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَإِنْ ضَمِنَ الْمُسْتَعِيرُ رَجَعَ عَلَى الْمُعِيرِ بِمَا غَرِمَ؛ لِأَنَّهُ غَرَّهُ، مَا لَمْ يَكُنْ الْمُسْتَعِيرُ عَالِمًا بِالْحَالِ فَيَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى بَصِيرَةٍ، وَإِنْ ضَمَّنَ الْمَالِكُ الْمُعِيرَ؛ لَمْ يَرْجِعْ بِالْأُجْرَةِ عَلَى أَحَدٍ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُسْتَعِيرُ عَالِمًا، وَإِلَّا رَجَعَ عَلَيْهِ.

[فَصْلٌ اخْتَلَفَ الْمُعِيرُ والمعار إلَيْهِ وَكَانَ ذَلِكَ الِاخْتِلَافُ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ]
(فَصْلٌ: وَإِنْ دَفَعَ) إلَيْهِ دَابَّةً أَوْ غَيْرَهَا مِنْ الْأَعْيَانِ الْمُنْتَفَعِ بِهَا مَعَ بَقَائِهَا، ثُمَّ (اخْتَلَفَا) - أَيْ: الْمَالِكُ وَالْقَابِضُ - (فَقَالَ) الْمَالِكُ: (آجَرْتُك. قَالَ) الْقَابِضُ: (بَلْ أَعَرْتنِي) ، وَكَانَ ذَلِكَ الِاخْتِلَافُ (قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةٍ) مِنْ الْقَبْضِ (لَهَا أُجْرَةٌ؛ فَقَوْلُ قَابِضٍ) بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَأْجِرْهَا، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِجَارَةِ،

الصفحة 747