كتاب النفح الشذي شرح جامع الترمذي ط الصميعي (اسم الجزء: 3)
وروى ابن (¬1) خزيمة، عن وكيع من حديث يونس الأيلي، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة: "أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد أن يطعم وهو جنب غسل يديه، ثم يطعم"، وهو حجة لمن فرّق بين الأكل والنوم.
ومذهب رابع: وهو التفرقة بين الجنب والحائض:
قال القاضي أبو (¬2) بكر بن العربي نقلًا عن مذهبه: إن ذلك ليس على الحائض لأن حدثها لازم بخلاف الجنب، فإن حدثه غير لازم.
وإذا ذكرنا مذاهب العلماء في هذا المسألة، فلنذكر ما يصلح أن يوجه به كل مذهب:
أما مذهب ابن عمر فلحديث الأسود عن عائشة: "إذا أراد أن يأكل أو ينام توضأ وضوءه للصلاة. والراجح في صيغة: (كان) في مثل هذا المحلّ اقتضاؤها زيادة على الفعل من مداومة أو تكرار، ولم يعارض حديث عائشة هذا ما يقوى قوته.
وأمّا من فرّق بين الأكل والنوم كما حكيناه عن قول لمالك (¬3)، وعن بعض أهل الظاهر، فله ما خرج النسائي (¬4) من حديث عائشة: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ، وإذا أراد أن يأكل أو يشرب قالت: غسل يديه".
وروى وكيع، عن هشام الدستوائي وابن أبي عروبة، عن قتادة، عن سعيد بن
¬__________
(¬1) في صحيحه (1/ 109) برقم 218.
(¬2) عارضة الأحوذي (1/ 150)، قلت: ونقل الحافظ ابن حجر في "الفتح" عن ابن دقيق العيد قال: "بنى الشافعي رحمه الله على أن ذلك ليس على الحائض، لأنها لو اغتسلت لم يرتفع حدثها بخلاف الجنب" وانظر شرح عمدة الأحكام لابن دقيق العيد (1/ 391).
(¬3) انظر التمهيد (17/ 34) والاستذكار (3/ 98).
(¬4) في سننه كتاب الطهارة (1/ 152) برقم 256 باب اقتصار الجنب على غسل يديه إذا أراد أن يأكل.