كتاب النفح الشذي شرح جامع الترمذي ط الصميعي (اسم الجزء: 3)
وفي قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي ذر وغيره: "التراب كافيك ما لم تجد الماء، ولو أقمت عشر سنين (¬1)، فإذا وجدته فاغتسل". وفي بعض الروايات: "فأمسّه بشرتك". دليل واضح على أن الجنب إذا وجد الماء يلزمه (¬2) استعماله، وأن تيممه ليس بطهارة كاملة، وإنما هو استباحة للصلاة، ثم هو على حاله جنبًا (¬3) عند وجود الماء (¬4).
وأما قول أبي عمر إنه لم يخالف في تيمم الجنب إلا عمر وابن مسعود، فقد روي ذلك أيضًا عن بعض التابعين كما ذكرنا.
وقال الحكم: سألت إبراهيم النخعي: إذا لم تجد الماء وأنت جنب؟ قال: لا أصلي (¬5).
قال شعبة: وقلت: لأبي إسحاق: أقال ابن مسعود: إن لم أجد الماء شهرًا لم أصلّ -يعني الجنب-، فقال أبو إسحاق: نعم. وللأسود.
واحتج من ذهب إلى قول ابن مسعود بقوله تعالى: {وإنْ كُنْتُم جُنُبًا فاطَّهَّروا ...}، قالوا: فلم يجعل للجنب إلا الغسل.
ولما روى محمد بن عبد السلام الخشني: ثنا محمد بن بشار: نا محمد بن أبي عدي نا شعبة، عن المخارق بن عبد الله، عن طارق بن شهاب قال: جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إني أجنبت فلم أصلّ؟ قال: "أحسنت"،
¬__________
(¬1) زاد في الاستذكار لا تجده.
(¬2) في الاستذكار لزمه.
(¬3) في الاستذكار جنب وورد في نسختين للاستذكار جنبًا وأشار محققه إلى أنه تحريف.
(¬4) الاستذكار (3/ 146 - 150).
(¬5) أشار إلى ذلك النووي في شرح صحيح مسلم (4/ 57).