كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 3)
صفحة رقم 10
ولما أخبر أن العبرة بالميزان على وجه يظهر أنه لا حيف فيه بوجه ، تسبب عنه قوله : ( فمن ثقلت ) أي دست ورسبت على ما يعهد في الدنيا ) موازينه ) أي موزونات أعماله ، أي اعماله الموزونه ، ولعله عبر بها عنها إشارة إلى ان كل عمل يوزن على حدة ليسعى في إصلاحه ) فأولئك ( اي العالو الهمم ) هم ) أي خاصة ) المفلحون ) أي الظاهرون بجميع مآربهم ) ومن خفت ) أي طاشت ) موازينه ) أي التي توزن فيها الأعمال الصالحة ) فأولئك ( المبعدون ) الذين خسروا انفسهم ) أي التي هي رأس مالهم فكيف بما دونها ) بما كانوا بآياتنا ) أي على ما لها من العظمة ) يظلمون ) أي باستمرار ما يجددونه من وضعها في غير المحل الذي يليق بها فعل من هو في ظلام ؛ قال الحسن ، وحق الميزان توضع فيه الحسنات أن يثقل ، وحق لميزان توضع فيه السيئات أن يخف ولما أمر الخلق بمتابعة الرسل وحذرهم من مخالفتهم ، فأبلغ في تحذيرهم بعذاب الدنيا ثم بعذاب الآخرة ، التفت إلى تذكيرهم ترغيباً في ذلك بإسباغ نعمة وتحذيراًمن سلبها ، لأن المواجهة أردع للمخاطب ، فقال في موضع الحال من ) خسروا انفسهم ( : ( ولقد مكناهم ) أي خسروها والحال أنا مكناكم من إنجائها بخلق القوى والقدر وإدرار النعم ، وجعلنا مكاناً يحصل التمكن فيه ) في الأرض ) أي كلها ، ما منها من بقعة إلا وهي صالحة لا نتفاعهم بها ولو بالاعتبار ) وجعلنا لكم ) أي بما لنا من العظمة ) فيها معايش ) أي جميع معيشة ، وهي أشياء يحصل بها العيش ، وهوتصرف أيام الحياة بما ينفع ، والياء اصلية فلذا لا تهتز ، وهي أشياء يحصل بها العيش ، وهو تصرف أيام الحياة بما ينفع ، والياء اصلية فلذا لا تهتز ، وكذا ما ولي ألف جمعه حرف علة أصلي وليس قبل ألفه واو كأوائل ولا ياء كخيائر جمع أول وخير فإنه لات يهمز إلا شاذًاكمنائر ومصائب جمع منارة ومصيبة .
ولما كان حاصل ما مضى أنه سبحانه أوجدهم وقوّاهم وخلق لهم ما يديم قواهم فأكلوا خيره وعبدوا غيره ، أنتج قوله على وجه التاكيد : ( قليلاً ما تشكرون ( اي لمن خوطبواب
77 ( ) اتبعوا ما أنزل إليكم ( ) 7
لأعراف : 3 ] وما بينهما أورد مورد الاعتبار والاتعاظ بذكر ما آل إليه أمرهم في الدنيا وما يؤول إليه في الآخرة - انتهى ولما ذكر سبحانه ما منحهم به من التمكين ، ذكّرهم ما كانو عليه قبل هذه المكنة من العدم تذكيراً بالنعم في سياق دال على البعث الذي فرغ من تقريره ، وعلىما خص به اباهم آدم عليه السلام من التمكين في الجنة بالخلق والتصوير وإفاضة روح الحياة وروح العلم وامر أهل سماواته بالسجود له والغضب على من عاده وطرده عن محل