كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 3)
صفحة رقم 27
ولما كان من المعلوم أن ما كانوا الفوه واتخذوه ديناً يستعظمون تركه ، لأن الشيطان يوسوس لهم بأنه توسع الدنيا ، والتوسع فيها مما ينبغي الزهد فيه كما دعا غليه كثير نت الآيات ، اكد سبحاته الإذن في ذلك بالإنكار على من حرمه ، فقال منكراً عليهم إعلاماً بأن الزهد الممدوح ما كان مع صحة الإعتقاد في الحلال والحرام وأما ما كان مع تبديل شيء من الدين بتحليل حرام أو عكسه فهو مذموم : ( قل ( منكراً موبخاً ) من حرم زينة الله ( أ ي الملك الذي لا امر لأحد معه ) التي أخرج لعباده ) أي ليتمتعوا بها من الثياب والمعادن وغيرها. ولما ذكر الملابس التي هي شرط في صحة العبادة على وجه عم غيرها من المراكب وغيرها ، أتبعها المآكل والمشارب فقال : ( والطيبات ( اب من الحلال المستلذ ) من الرزق ( كالبحائر والسوائب ونحوها ؛ ولما كان معنى الإنكار : لم يحرمها من يعتبر تحريمه بل أحلها ، وكان ربما غلا في الدين غال تمسكاً بالآيات المنفرة عن الدينا المهونة لشأنها مطلقاً فضلاً عن زينة وطيبات الرزق ، قال مستأنفاً لجواب من يقول : لمن ؟ : ( قل هي ) أي زينة والطيبات ) للذين آمنوا ( وعبر بهذه العبارة ولم يقل : ولغيرهم ، تنبيهاً على أنها لهم بالأصالة ) في الحياة الدنيا ( في التمتع بها أكثر ، فهي غير خالصة لهم وهي للذين آمنوا ) خالصة ) أي لا يشاركهم فيها أحد ، هذا على قراءة نافع بالرفع ، والتقدير على قراءة غيره : حال كونها خالصة ) يوم القيامة ( وفي هذا نأكد لما مضى منإحلالها بعد تاكد ومحور الشكوك ، وداعية للتأمل في الفصل بين المقامين لبيان أن الزهد المأمور به إنما هو بالقلب بمعنى أنه لا يكون للدنيا عنده قدر ولا له إليها التفات ولا هي اكبر همه ، وأما بالقلب بمعنى انه لا يكون للدنيا عنده قدر ولا له إليها التفات ولا هي أكبر همه ، واما كونها ينتفع بها فيما أذن الله فيه وهي محقورة غير مهتم بها فذلك من المحاسن ولما كان هذا المعنى من دقائق المعاني ونفائس المباني ، أتبعه تعالى قوله جواباً لمن يقول : إن هذا التفصيل فائق فهل يفصل غيره هكذا ؟ ) كذلك ) أي مثل هذا التفصيل البديع ) نصل الايات ) أي نبين أحكامها ونميز بعض المشبهات من بعض ) لقوم يعلمون ) أي لهم ملكة وقابلية للعلم ليتوصلوا به إلى الإعتقاد الحق والعمل الصالح