كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 3)

صفحة رقم 28
غيره فقال : ( قل إنما حرم ربي ( اي المحسن إليّ بجعل ديني احسن الديان ) الفواحش ) أي كل فرد منها وهي ما زاد قبحه ؛ ولما كانت الفاحشة ما يتزايد قبحه فكان ربما ظن أن افسرار بها غير مراد بالنهي قال : ( ما ظهر منها ( بين الناس ) وما بطن ( ولما كان هذا خاصاً بما عظمت شناعته قال : ( والإثم ) أي مطلق الذنب الذي يوجب الجزاء ، فظغن الإثم الذنب والجزاء ؛ ولما كان البغي زائد القبح مخصوصاً بانه من اسرع الذنوب عقوبة خصة بالذكر فقال : ( والبغي ( وهو الاستعلاء على الغير ظلماً ، ولكنه لما كان قد يطلق على مطلق الطلب ، حقق معناهاالعرفي الشرعي فقال : ( بغير الحق ) أي الكامل الذي ليس فيه شائبة باطل كان بغياً ، ولعله يخرج العلو بالحق بالانتصار من الباغي فإنه حق كامل الحقيقة ، وتكون تسمية بغياً على طريق المشاكلة تنفيراً - بإدخال تحت اسم البغي - من تعاطيه وندباً إلى العفو كما تقدم مثله في ) يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم ) [ النساء : 148 ] ويمكن أن يكون تقييده تأكيدا لمنعه بأ ، ه لا يتصور إلا موصوفا بأنه بغير الحق كما قال تخصيصا ) ما لم ينزل به سلطانا ( فإنه ل يوجد ما يسميه أحد شريكا إلا وهو مما لم ينزل إرشادا إلى أن أصول الدين لا يجوز أعتمادها إلا بقاطع فكيف بأغظمها وهو التوحيد ولذلك عقبه بقوله : ( وأن ) أي وحرم أن ) تقولوا على الله ) أي الذي لا أ " ظم منه ولا كفوء له ) ما لا تعلمون ) أي ما ليس لكم به علم بخصوصه ولا هو مستند إلى علم أعم من أن يكون من ألأصول أو لا .
ولما تقدم أن الناس فريقان : مهتد زضال ، وتكرر ذم الضال باجترتئه على الله بفعل ما منعه منه وترك ما أمره به ، وكانت العادة المستمرة للملوك أنهم لا يمهلون من تكرر مخالفته لهم ، كان كأنه قيل : فلم لا يهلك من يخالفه ؟ فقيل وعظا وتحذيرا : إنهم لا يضرون بذلك إلا أنفسهم ، ولا يفعلون شيئا منه إلا بإرادته ، فسواه عندهم بقاؤهمك وهلاكهم ، إنما يستعجل من يخاف الفوت أو يخشى الضرر ، ولهم أجل لا بد من استيفائه ، وليس ذلك خاصا بهم بل ) ولكل أمة أجل ( وهو عطف على ) فيها تحيون وفيها تموتون ) [ ألأعراف : 25 ] ) فإذا جاء أجلهم ( .
ولما كان نظرهم إلى الفسحة في الأجل ، وكان قطع رجائهم منه من جملة عذابهم ، قدمه فقال : ( لا يستأخرون ) أي من الأجل ) ساعة ( عبر بها والمراد أقل ما

الصفحة 28