كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 3)

صفحة رقم 33
فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) 73
( ) 71
ولما جرت العادة بأن أهل الشدائد يتوقعون الخلاص ، أخبر ان هؤلاء ليسوا كذلك ، لأنهم أنجاس فلييسوا أهلاً لمواطن القداس ، فقال مستأنفاً لجواب من كأنه قال : أما لهؤلاء خلاص ؟ واظهر موضع افضمار تعميقاً للحكم بالوصف : ( إن الذين كذبوا بآيتنا ) أي وهي المعروفة بالعظمة بالنسبة إلينا ) واستكبروا عنها ) أي واوجدوا الكبر متجاوزين عن اتباعها ) لا تفتح لهم ) أي الصعود أعمالهم ولا دعائهم ولا ارواحهم ولا لنزول البركات عليهم ) ابواب السماء ( لأنها طاهرة عن الأرجاس الحسية والمعنوية فإذا صعدت أرواحهم الخبيثة بعد الموت مع الملا ئكة العذاب اغلقت الأبواب دونها ثم ألقيت من هناك إلى سجين ) زلا يدخلون الجنة ) أي التي هي أطهر المنازل واشرفها ) حتى ( يكون ما لا يكون بان ) يلج ) أي يدخل ويجوز ) الجمل ( على كبره ) افي سم ) أي في خرق ) الخياط ) أي افبرة اي حتى يكون ما لا يكون إذاً فهو تعليق على محال ، فإن الجمل مثل في عظم الجرم عند العرب ، وسم الإبره مثل في ضيق المسلك ، يقال : اضيق من خرق الإبر ؛ وعن ابن مسعود رصى الله عنه أنه سئل عن الجمل فقال : زوج الناقة - اسجهالاً للسائل وإشارة إلى طلب معنى آخر غير هذا الظاهر تكلف ولما هذا للمكذبين المستكبرين أخبر أنه لمطلق القاطعين ايضاً فقال : ( وكذلك ) أي ومثل الجزاء بهذا العذاب وهو أن دخولهم الجنة محال عادة ) نجزي المجرين ) أي القاطعين لما امر الله به ان يوصل وإن كانوا أذناناً مقلدين للمستكرين المكذبين ؛ ثم فسر جزاء الكل فقال : ( لهم من جهنم مهاد ) أي فرش من تحتهم ، جمع مهد ، ولعله لم يذكره لأن المهاد كالصريخ فيه ) اومن فوقهم غواش ( اي أغطية - جمع غاشية - تغشيهم من جهنم ؛ وصرح في هذا بالفوقيه لأن الغاشية ربما كانت عن يمين أو شمال ، أو كانت بمعنى مجرد الوصول والإدراك ، ولعله إنما حذف الول لن لآية من الاحتياك فذكر جهنم أولاً دليلاً على إرادتها ثانياً ، وذكر الفوق ثانياً دليلاً على إرادة الحت أولاً ولما كان بعضهم ربما لا تكون له أهلية قطع ولا وصل ، قال لجميع انواع الضلال ، ) وكذلك ( اي ومثل ذلك الجزاء ) نجزي الظالمين ( ليعرف أن المدار على الوصف والمجرم : المذنب ومادته ترجع إلى القطع والظالم الواضع للشيء في

الصفحة 33