كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 3)

صفحة رقم 435
ولما بين حال الفضل فيمن احسن ، بين حال العدل فيمن أساء فقال : ( والذين كسبوا ) أي منهم ) السيئات ) أي المحيطة بهم ) جزآء سيئة ) أي منهم ) بمثلها ( عدل الله من غير زيادة ) وترهقهم ذلة ) أي من جملة جزائهم ، فكأنه قيل : أما لهم انفكاك عن ذلك ؟ فقيل جوابا : ( ما لهم من الله ( اي الملك الأعظم ؛ وأغرق في النفي فقال : ( من عاصم ( اي يمنعهم من شيء يريده بهم .
ولما كان من المعلوم أن المعلومأن ذلك مغير لأحوالهم ، وصل به قوله : ( كأنما ( ولما كان المكروه مطلق كونها بالمنظر السيئ ، بني للمفعول قوله : ( أغشيت وجوههم ) أي اغشاها مغش لشدة سوادها لما هي فيه من السوء ) قطعاً ( ولما كان ذلك ظاهراً في أنهم أهل الشقاوة ، وصل به قوله : ( أولئك ( اي البعداء البغضاء ) اصحاب النار ( ولما كانت الصحبة الملازمة ، بينها بقوله : ( هم فيها ) أي خاصة ) خالدون ) أي لا يمكنون من مفارقتها ؛ والرهق : لحق الأمر ، ومنه : راهق الغلام - إذا لحق حال الرجال ؛ والقتر : الغبار ، ومنه الإقتار في الإنفاق لقتله ؛ والذلة : صغر النفس بالإهانة ؛ والمكسب : الفعل لاجتلاب النفع إلى النفس أو النفس أو استدفاع الضر .
ولما بين سبحانه مآل الفريقين ، نبه على بعض مقدمات ذلك المانعة ان يشفع أحد من غير إذنه بقوله : ( ويوم ) أي وفرقنا بينهم لأنه لا أنساب هناك ولا أسباب فلا تناصر يوم ) نحشرهم ( اي الفريقين : الناجينوالهالكين العابدين منهم والمعودين حال كونهم ) جميعاً ( ثم يقطع ما ين المشركين وشركائهم فلا يشفع فيهم شيء مما يعتقدون شفاعته ولا ينفعهم بنافعة ، بل يظهرون الخصومة ويبارزون بالعدولاة وهو ناظر إلى قوله تعالى
77 ( ) إنه يبدئ الخلق ثم يعيده ( ) 7
[ يونس : 4 ] وإلى قوله
77 ( ) ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ( ) 7
[ يونس : 18 ] والحشر : الجمع بكره من كل جانب إلى موقف واحد ؛ وأشار سبحانه إلى طول ووفهم بقوله : ( ثم نقول للذين أشركوا ) أي بنا من لم يشارك في خلقهم ؛ وقوله : ( مكانكم ( نقل أبو حيان عن النحوين أنهم جعلوه اسماً لأثبتوا ، ورد على الزمخشري تقديره بألزموا لأنه متعد ويجب ان يساوي بين الاسم والمسمى في التعدي واللزوم ، أي إظهار لضعف معبوداتهم التي كانوا يترجونها وتحسيراً لهم ، فلا يمكنهم مخالفة ذلك ولما كان التقدير : فوقفوا مواقفة للأمر على حسب الإدارة ، عطف عليه مسبباً عنه

الصفحة 435