كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 3)
صفحة رقم 439
ووحده للتساوي فيه في الغالب ) والأبصار ( التي تبصرون بها ما أنعم عليكم به في خلقها ثم حفظها في المدد الطوال على كثرة الآفات فيفيضها عليكم لتكمل حيتكم الحسية ببقاء الروح ، والمعنوية بوجود العلم ؛ روي عن علي رضي الله عنه انه قال : سبحانه من بصر بشحم ، وأسمع بعظم ، وأنطق بلحم .
فلما سألهم عن أوضح ما هم فيه وقربه ، نبههم على ما قبله من بدء الخلق فقال : ( ومن يخرج الحي ( من الحيوان والنبات ) من الميت ) أي من النطفة ونحوها ) ويخرج الميت ) أي من النطفة ونحوها مما لا ينمو ) من الحي ( اي فينقل من النقص إلى الكمال ؛ ثم عم فقال : ( ومن يدبر الأمر ) أي كله التدبير العام .
ولما كانوا مقرين بالرزق وما معه من الخلق والتدبير ، أخبر عن جوابهم إذا سئلوا عنه بقوله : ( فسيقولون الله ( اي مسمى هذا الاسم الذي له الكمال كله بالحياة والقيومية بخلاف ما سيأتي من الإعادةوالهداية ) فقل ( اي فتسبب عن ذلك أنا نقول لك : قل لهم مسبباً عن جوابهم هذا الإنكار عليهم في عدم التقوى : ( فقل ) أي فتسبب عن ذلك انا نقول لك : قل لهم مسبباً عن جوابهم هذا الإنكار عليهم في عدم التقوى : ( أفلا تتقون ) أي تجعلون وقاية بينكم وبين عقابه على اعترافكم بتوحده في ربوبيته وإشراككم غيره في إلهيته ؛ ثم علل إنكار عدم تقواهم بقوله : ( فذالكم ( اي العظيم الشان ) الله ( اي الذي له الجلال والإكرام ، فكانت هذه قدرته وأفعاله ) ربكم ) أي الوجد لكم المدبر لأموركم الذي لا إحسان عندكم لغيره ) الحق ) أي الثابته ربوبيته ثباتاً لا ريب فيه لاجتماع الصفات الماضية له لا لغيره لأنه لا تكون الربوبية حقيقية لمن لم تجتمع له تلك الصفات ) فما ( اي فتسبب عن ذلك أن يقال لكم : ما ) ذا بعد الحق ) أي الذي له أكمل الثبات ) إلاّ الضلال ( فغنه لا واسطة بينهما - بما أنبأ عنه إسقاط الجار ، ولا يعدل عاقل عن الحق إلى الضلال فانّى تصرفون أنتم عن الحق إلى الضلال ؛ ولذلك سبب عنه قوله : ( فأنى ) أي فكيف ومن أيّجهة ) تصرفون ) أي أنتم من صارف ما كائناً ما كان ، عن الحق إلى الضلال .
ولما كانوا جديرين عند تقديرهم بهذه الآية وإقرارهم بمضمونها يقولوا : سلمنا فأسلمنا ولا نصرف عن الحق أبداً ، لم يقولوا ، كانوا حقيقين بأن يقال لهخم : حقت عليكم كلمة اللله لفسقكم وزغانكم عن الحق : فقيل : هل خصوا بذلك ؟ فقيل : بل ) كذلك ) أي مثل ذلك الحقوق اعظيم ) حقت كلمت ربك ) أي المحسن إليك بإهلاك أعدائك : الكلمة الواحدة النافذة التي لا تردد فيها ، ومعنى الجمع في قراءة نافع فالمراد عامر أنه لا شيء من كلماته يناقض الكلمة التي أوجبت عذابهم ، بل كلها توافقها فالمراد واحد ، أو يكون ذلك كناية عن أن عذابهم دائم فإن كلماته لا تنفذ ) على ( كل