كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 3)

صفحة رقم 443
) وما كان ( عاطفاً له على قوله ) ما يكون لي أن أبدله ( إلى آخره ، فهو حينئذ مقول القول ، اي قل لهم ذاك الكلام وقل لهم ) ما كان ( اي قط بوجه من الوجوه ، وعينه تعيناً لا يمكن معه لبس ، فقال : ( هذا القرآن ) أي الجامع لكل خير مع التأدية بأساليب الحكمة المعجزة لجميع الخلق ) أن يفترى ) أي أن يقع في وقت من الأوقات تعتمد نسبته كذباً إلى الله من أحد من الخلق كائناً من كان ؛ وعرف بتضاؤل رتبتهم دون شامخ رتبته سبحانه بقوله : ( من دون الله ) أي الذي تقرر أنه يدبر الأمر كله ، فما من شفيع إلا من بعدإذنه وما يعزب عنه شيءفسبحان المتفصل على عبادة بإيضاح الحجج وإزالة الشكوك والدعاء إلى سبل الرشاد مع غناه عنهم وقدرته عليهم ؛ والافتراء : الإخبار على القطع بالكذب ، لأنه من فرى الأديم وهو قطعه بعد تفزيره .
ولما طكان إتيان الأمي - الذي لم يجالس عالماً - بالأخبار والقصص الماضية على اتحرير دليلاً قطعاً على صدق الآتي في ادعائه أنه لا معلم له إلا الله " عبر بأداة العناد فقال : ( ولكن ) أي كان كوناً لا يجوز غيره ) تصديق الذي ) أي تقدم ) بين يديه ) أي قبله من الكتب ، والدليل على تصادقه شاهد الوجود مع أن القوم كانوا في غاية العدواة له ( صلى الله عليه وسلم ) وكان أهل الكتابين عندهم في جزيرة العلرب على غاية القرب منهم مع أنهم كانوا يتجرون إلى بلاد الشام وهم متمكنون من السؤال عن كل ما يأتي به ، فلو وجدوا مغمراً ما لقدحوا به ، فدل قدحهم على التصادق قطعاً .
ولما كان ذلك سلطاناً قاهراً ( صلى الله عليه وسلم ) ، زاده ظهوراً بما اشتمل الكتاب الآتي به عليه من التفصيل الذي هو نهاية العلم فقال : ( وتفصيل الكتاب ) أي الجامع المجموع فيه الحكم والأحكام وجوامع الكلام من جميع الكتب السماوية في بيان مجملاتها وإيضاح مشكلاتها ، فهو الحقيق بالاتباع والتفصيل بتبيين الفصل بين المعاني الملتبسة حتى تظهر كل معنى على حقه ، ونظيره التقسيم ، ونقضيه التخلط والتلبيس ، وبيان تفصيله انه أتى من العلوم العلمية الاعتقادية من معرفة الذات والصفات بأقسامها ، والعلمية التكليفية المتعقة بالظاهر وهي علم الفقه وعلم الباطن ورياضة النفوس بما لا مزيد عليه و لا يدانيه فيه كتاب ، وعلم الأخلاق كثير في القرآن مثل
77 ( ) خذ العفو ( ) 7
[ الأعراف : 199 ]
77 ( ) إن الله يأمر بالعدل ( ) 7
[ النحل : 90 ] وأمثالهما .
ولما كان - مع الشهادة بالصدق بتصديق ما ثبت حقيقة - معجزاً بالجمع والتفصيل لجميع العلوم الشريفة : عقليها ونقليها إعجازاً لم يثبت لغيره ، ثبت أنه مناقض للافتراء حال كونه ) لا ريب فيه ( وأنه ) من رب العالمين ( اي موجدهم ومدبر

الصفحة 443