كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 3)
صفحة رقم 444
أمرهم والمحسن إليهم لأنه - مع الجميع لجميع ذلك - لا اختلاف فيه بوجه ، وذلك خارج عن طوق البشر .
ولما كان هذا موضع أن يذعنوا لأن هذا القرآن لس إلا من عند الله وبأمره قطعاً ، كان كأنه قيل : ارجعوا عن غيهم فآمنوا واستقاموا ) أم ( استمروا على ضلالهم ) يقولون ( على سبيل التجديد والاستمرار عناداً ) افتراه ) أي تعتمد نسبته كذباً إلى الله ، فكأنه قيل ، تمادوا على عتوهم فقالوا ذلك فكانوا كالباحث عن حتفه بظلفه ، لأنهم أصلوا أصلاً فاسداً لزم عليه قطعاً إمكان ان يأتوا بمثله لأنهم عرب مثله ، بل منهم من قرأ وكتب وخالط العلماء واشتد اعتناءه بأنواع البلاغة من النظم والنثر والخطب وتمرنه فيها بخلافه ( صلى الله عليه وسلم ) في جميع ذلك ، فلهذا أمره في جوابهم بقوله ) قل ) أي لهم يا أبلغ خلقنا وأعرفهم بمواقع الكلام لجميع انواعه ، أتى بالفاء السببية في قوله : ( فأتوا ) أي أنتم تصديقاً لقولكم هذا الذي تبين وأنكم فيه معاندو ؛ ولما كانوا قد جزموا في هذه السورة بأنه افتراه ، وكان مفصلاً إلى سور كل واحدة منها لها مقصد معين يستدل فيها عليه ، وتكون خاتمتها مرتبطة بفاتحتها متحدة بها ، اكتفى في تحد يهم بالإتيان بقطعه واحدة غير مفصلة إلى مثل سورة لكن تكون مثل جميع القرآن في الطول والبيان وانتظام العبارة والتئام المعاني فلذلك قال : ( بسورة ( قال الرماني : والسورة منزلة محيطة بآيات من أجل الفاتحة والخاتمة كإحاطة سور البناء ، وهذا نظراً إلى أن المتحدي به سورة اصطلاحية والصواب أنها لغوية ، وهي كما قال الحرالي تمام جملة من المسموع تحيط بمعنى تام بمنزلة غحاطة السور بالمدنية ؛ ووصفها بقوله : ( مثله ( اي قي البلاغة وحسن النظم وصحة المعاني ومصادقة الكتب وتفصيل العلوم لأنكم مثلي في العربية وتزيدون بالمكتابة ومخالطة العلماء - من غير إتيان ب ( من ) لما تقدم من أن المراد كونها مثل القرآن كله ، ولذلك وسع لهم في الاستعانة بجميع من قدروا عليه ووصلت طاقتهم إليه ولم يقصرهم على من بحضرتهم فقال : ( وادعوا ) أي لمعاونتكم ) من استطعتم ) أي قدرتم على طاعته ولو ببذل الجهد من الجن والإنس وغيرهم للمعاونة ، وحقق أن هذا القرآن من عنده سبحانه باستثنائه في قوله : ( من دون الله ) أي الذي له الكمال كله ، ونبه على أنهم معتمدون لما نسبوه إليه - وحاشاه من تعمد الكذب - وأنهم معاندون بقوله : ( إن كنتم ) أي جبلة وطبعاً ) صادقين ) أي في أنه أتى به من عنده ، لأن العاقل لا يجزم بشيء إلا إذا كان عنده منه مخرج ، وذلك لا يكون إلا عن دليل ظاهر وسلطان قاهر باهر ، وقد مضى في البقرة ويأتي في هود إن شاء الله تعالى ما يوضح هذا المعنى ؛ والاستطاعة : حالة تتطاوع بها الجروح والقوى للفعل لأنه مأخوذ من الطوع ؛ ثم كان