كتاب نظم الدرر فى تناسب الآيات والسور - العلمية (اسم الجزء: 3)
صفحة رقم 451
الطلب ، فيكون في السين معنى الطلب والملك قوة يتمكن بها من تصريف الشيء أتم تصريف ، والنفع : إيجاب اللذة بفعلها والتسبب المؤدي إليها ؛ والضر : إيجاب الألم بفعله أو التسبب إليه ؛ والأجل : الوقت المضروب لوقوع أمر .
يونس : ( 50 - 53 ) قل أرأيتم إن. .. . .
) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتاً أَوْ نَهَاراً مَّاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ الآنَ وَقَدْ كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذُوقُواْ عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ ( ( )
ولما كان جل قصدهم بذلك الاستهزاء ، وكان وقوعه أمراً ممكناً ، وكان من شأن العاقل أن يبعد عن كل خطر ممكن ، أمره ( صلى الله عليه وسلم ) بجواب آخر حذف منه واو العطف لئلا يظن أنه لا يكفي في كونه جواباً إلا بضمنه إلى ما عطف عليه قال : ( قل ) أي لمن استبطأ وعيدنا بالعذاب في الدنيا أو في الآخرى ، وهو لا يكون إلا بعد الأخذ في الدنيا إعلاماً بأن الذي يطلبونه ضرر لهم محض لا نفع فيه بوجه ، فهو مما لا يتوجه إليه قصد عاقل ) أرءيتم ( وهي من رؤية القلب لأنها دخلتعلى الجملة من الاستفهام ) إن أتاكم عذابه ( في الدنيا .
ولما كان أخذ الليل أنكى وأسرع ، قدمه فقال : ( بياناً ) أي في الليل بغته وأنتم نائمون كما يفعل العدو ؛ ولم كان الظفر ليلاً لا يستلزم الظفرنهاراً مجاهرة قال : ( أو نهاراً ) أي مكاشفة وأنتم مستيقظون ، أتستمرون على عنادكم فلا تؤمنوا ؟ فكأنهم قالوا : لا ، فليجعل به ليرى ، فقيل : إنكم لا تدرون ما تطلبون إنه لا لمخلوق بنوع منه ، ولا يجترئ على مثل هذا الكلام إلا مجرم ) ماذا ( اي ما الذي ؟ ويجوز أن يكون هذا جواب الشرط ) يستعجل ) أي يطلب العجله ) منه ) أي من عذابه ، وعذابه كله مكروه لا يحتمل شيء منه ) المجرمون ( إذ سنة الله قداستمرت بأن المكذب لا يثبت إلا عند مخايله ، وأما إذا برك بكلكه وأناخ بثقله فإنه يؤمن حيث لا ينفعه الإيمان ) ولن تجد لسنةِ الله تحويلاً ) [ فاطر : 43 ] وهذا معنى التراخي في قوله : ( أثُمَّ إذا ما وقع ) أي عذابه وانتفى كل ما يضاده ) آمنتم به ( وذلك أنه كانت عادتهم كمن قبلهم العذاب يتراخى إيمانهم بعد مجئ مقدماته وقبل اجتثاثهم بعظائم صدماته لشدة معاندتهم فيه وتوطنهم عليه كما وقع للأولين من الأمم بغياً وعتواُ كقوم صالح لما تغيرت وجوههم بألوان مختلفة في اليوم الأول ثم الثاني ثم الثالث وأيقنوا بالهلكة وودع بعضهم بعضاً ولم يؤمنوا ، وجرت